تعتبر أمراض الشرج من الأمراض الشائعة والتي تنتشر بنسبة 50% في مجتمعاتنا الشرقية وتحدث للجنسين ولجميع الأعمار، كثير من المرضى يجهلون طبيعة مرضهم ويتحرجون من السؤال بسبب الخجل، ويتخوفون من العمليات الجراحية التقليدية وذلك تجدهم يعانون من المرض لسنوات عدة يستخدمون خلالها الدهون والعلاجات ويتجنبون العديد من الأغذية وبدون فائدة تذكر.
ولإيضاح طبيعة المرض وآخر المستجدات في علاجه كان لنا هذا الحوار مع الدكتور إياد الشكرجي استشار الجراحة العامة الرائد في علاج أمراض الشرج في اتباعه لأسلوب علاجي حديث مستفيداً من تكنولوجيا جهاز الأشعة تحت الحمراء (الليزر) وجهاز الأمواج عالية التردد في علاج آلاف الحالات وأهم ما يميز هذا الأسلوب ان العمليات تجرى تحت التخدير الموضعي وبدون آلام وبزمن لا يتجاوز 10 – 30 دقيقة وبنتائج علاجية يشهد لها جميع المرضى المعالجين.
اعراض وأسباب أمراض الشرج
يعاني أغلب المرضى من وجود اكثر من مرض كالبواسير والشق وأحيانا الناسور، وجميعها تسبب أعراضاً متقاربة بحيث يصعب على المريض معرفة حقيقة مرضه ولكن تعتبر البواسير الأكثر شيوعاً بين بقية أمراض الشرج. تتمثل أعراض المرض في آلام شرجية مزمنة تسبب صعوبة الجلوس والبراز وحتى الحركة أحيانا، نزف دموي عند التبرز أو بعده ويكون الدم هنا أحمر حول البراز، أو افرازات تسبب حكة في المنطقة، وفي أغلب الاحيان وجود بروزات حول الشرج، وهي تؤثر على القولون فتسبب امساك وانتفاخ البطن الذي يؤدي الى تعب ونحول وصعوبات في التبول وأحيانا ضعف القابلية الجنسية، من أسباب هذه الأمراض الاستعداد الوراثي، الإمساك المزمن (تناول الأطعمة قليلة الألياف وقليلة السوائل)، كثرة الجلوس أو الوقوف، السمنة، الحمل والولادة. هنالك معتقد خاطىء بأن الأطعمة الحادة تسبب البواسير ولكن الحقيقة ان الذين يعانون من البواسير والشق تحدث عندهم آلام شرجية عند تناولهم للأطعمة الحارة.
البواسير Hemorrhoids, Piles:
البواسير الشرجية هي عبارة عن تدلي وبزوغ الأوردة المحيطة بالشرج الى الخارج لذلك ممكن تسميتها ايضاً بدوالي الشرج. وتشبه الى حد ما دوالي أوردة الساقين، إلا انها تحدث في قناة الشرج. تقسم البواسير حسب نوع الأوردة المتدلية الى البواسير الخارجية التي توجد حول فتحة الشرج بصورة دائمة ويغطيها الجلد، والبواسير الداخلية التي تكون على درجات حسب حجمها وامكانية خروجها مع التبرز.
يتم علاج البواسير الداخلية بواسطة جهاز الأشعة تحت الحمراء من خلال منظار الشرج حيث يتم تسليطه على منطقة تغذية البواسير (جذور البواسير) الخالية من النهايات العصبية فيسبب ايقاف الدم الواصل الى البواسير مما يؤدي الى تيبس وموت البواسير لتسقط بعد 3 الى 7 أيام مع البراز، ويتم كي واستئصال البواسير الخارجية بجهاز الأمواج عالية التردد الذي يعمل على قطع الأنسجة بسرعة فائقة وبدون ألم أو نزف دموي، يشعر المريض خلال الأسبوع الأول بحرقة ونزول قطرات دم أثناء البراز وبعد 2 – 3 أسابيع يتماثل الى الشفاء، ينصح المريض خلالها باستخدام المغاطس، والامتناع عن تناول التوابل.
الشق الشرجي Fissure in ano:
وهو عبارة عن جرح في فتحة الشرج أمامي أو خلفي وقد يكون حادا »حديث العهد« يسبب آلام شديدة ونزفا دمويا أو مزمنا »قديم« يصاحبه بروزات جلدية بسبب آلام وحكة شرجية مع إمساك وصعوبة في التبرز. ظهر الشق (الشرخ) عند الذين يعانون من الإمساك المزمن، وبعد الحمل والولادة وغالباً ما يصاحب البواسير كنتيجة لتضيق فتحة الشرج. يتم استئصال الشق ومعالجة البواسير المصاحبة وشد المعصرة الشرجية لإزالة التليفات، يشعر المريض بعد العملية بسهولة عملية الإخراج ويتماثل الى الشفاء بعد 2 – 3 أسابيع.
الناسور الشرجي Fistula in ano:
وهو عبارة عن قناة تربط بين فتحة داخل الشرج وأخرى خارجية على الجلد يتكون الناسور نتيجة لخراج حول الشرج يفتح تلقائيا أو جراحياً بصورة غير كاملة، يكون على أنواع حسب موقعه وبعد الفتحة الداخلية فإما يكون سطحيا أو عميقا ويكون مفردا أو متشعبا. ويسبب الناسور آلاما مع إفرازات دموية أو مخاطية تؤدي الى حكة ورطوبة في المنطقة. يتم تحديد مسار الناسور السطحي بواسطة المؤشر ثم يتم استئصاله بواسطة جهاز الأمواج عالية التردد تحت التخدير الموضعي كما ويتم علاج البواسير المصاحبة. في حين يتم استئصال الناسور العميق أو المتشعب في المستشفى وتحت التخدير العام، يحتاج المريض بعدها الى مغاطس وغيارات لعدة ايام.
كيس الشعر (الناسور العصعصي) Pilonidal sinus:
وهو عبارة عن كيس أو قناة تحتوي على شعر متساقط ويظهر في الغالب عند العقد الثاني من العمر وموقعه اسفل الظهر، يعاني مرضاه من آلاما وإفرازات دموية بصورة مزمنة أو يظهر بصورة مفاجئة على شكل خراج مسبباً آلام حادة وتورما أسفل الظهر. يتم علاج كيس الشعر في مركزنا بإزالة شعر المنطقة بالليزر ثم يتم استئصال الناسور بصورة تامة بواسطة جهاز الأمواج عالية التردد وتحت التخدير الموضعي ثم خياطة الجرح بطريقة خاصة، يغادر المريض بعدها ليمارس حياته الاعتيادية ويتم رفع الخيط بعد سبعة ايام وبذلك نختصر فترة الشفاء من شهرين الى سبعة ايام وبدون الحاجة الى تغير الضمادات والفتيل.
مقارنة بين علاج البواسير بالتقنيات الحديثة والجراحات التقليدية
نستعرض هنا صعوبات عمليات البواسير وبقية امراض الشرج بالجراحة التقليدية والتي اكتشفت منذ اكثر من نصف قرن ولا تزال تجرى في أغلب مستشفياتنا ونقارنها بالطرق العلاجية الحديثة. تجرى عمليات البواسير في المستشفيات بدءا باجراءات الدخول مروراً باجراء العديد من الفحوصات الطبية واستشارة اخصائي الباطنية والقلبية ولكبار السن ثم انتهاء بدخول صالة العمليات بعد ساعات انتظار وتوتر وخوف يتعرض لها المريض وذووه لتبدأ بعدها العملية الجراحية ومعاناة المريض من آثار التخدير العام وآلام ما بعد العملية والتي تتطلب رقوده في المستشفى لعدة ايام ثم تستمر معاناته بعد خروجه الى البيت متمثلة بآلام شديدة، نزف دموي، صعوبة الحركة والانقطاع عن العمل لعدة اسابيع وقد يعاني البعض من مضاعفات العملية المتمثلة بالتهاب الجروح، تضيق الشرج، عدم السيطرة على الغازات والبراز وبقاء الإحساس بالبواسير لتبدأ المعاناة من جديد.اما اليوم وبعد التطور التقني الكبير الذي حدث في فروع الطب كافة والجراحة خاصة، أصبحت عملية البواسير آمنة وتجري بسهولة وسرعة. تجري العملية بعد الفحص والتشخيص بواسطة أحد الأجهزة الحديثة (الليزر، جهاز الأمواج عالية التردد Radiofrequency، جهاز ربط الشرياني الباسوري بالالتراساوند، الكي بالكهرباء، وجهاز الأشعة تحت الحمراء)، وتحت التخدير الموضعي، وبعض الحقن المهدئة، يغادر بعدها المرضى ليمارسوا حياتهم الاعتيادية، كما وان استخدام التقنيات الحديثة كان له الأثر في دقة وأمان العمليات وسرعة انجازها، ومحدودية الألم اثناء وبعد العملية وبعدم حدوث مضاعفات تذكر بعد العملية، ولا يحتاج المرضى الى أي استعدادات قبل أو بعد العملية سوى بعض التحاليل لكبار السن وممن لديهم امراض خاصة وتجري العمليات للجنسين ولكافة الأعمار وللحوامل وكبار السن والمرضى الذين يعانون من الأمراض المزمنة كالضغط والسكري والقلب. أود أن أشير الى أن أحد أسباب نجاح أسلوبنا هذا هو في متابعة المرضى ضمن زيارات دورية اسبوعية أو عند الحاجة ولحين ان يمن الله عليهم بالشفاء التام.