المدينة الرقمية لكبار السن في الدول العربية

أعداؤنا ..كبار السن !

  • برغم مرور اليوم العالمى للمسنين والذى يوافق أول أكتوبر، فلم نسمع أحدا يقول بهذا الاحتفال ، أو يقدم هدية لوالديه ، أويحتفى بهما كما احتفى الكثيرون بعيد الحب وبسخاء بعدها بأيام ، مما يصور عمليا نظرتنا للمسنين ، الذين ينفطر القلب لما يتعرضون له من مهانة فى حياتهم ، فمعظم الأجيال الجديدة لا تقيم لهم وزنا ، حتى الأبناء الذين أصبحوا يتأففون من وجودهم معتبرين أنهم عبء ثقيل عليهم برغم مكابدتهم لتربية هذه الأجيال منذ كانت قطعة لحم
  • وتعرضوا لكل أنواع المشقة وربما الذل لتربيتهم ، وبذل ما يقدرون عليه من إمكانات لحياة تصل أحيانا للرفاهية ، وعن طيب خاطر ، ومع ذلك فإن الأجيال الناكرة لكلمة الله بحسن معاملة الوالدين ، تحرم كبير السن من قليل أنفاس السعادة على وجه هذه الأرض ، ولعل حوادث قتل الآباء تتنوع فهناك من يقتل بالفعل ومن يقتل بالإهمال ، أو التخلص منهم فى دور المسنين ، ويجلس كبير السن منتظرا من يعطيه الدواء والغذاء فى عجز كامل 
  • وقد يزحف مع عجزه ليصل لما يحتاجه ، فلا يجد من يناوله الدواء أوحتى كوب ماء ، ويصبح  كما  مهملا لا لزوم له لدى زوجة الابن آو زوج البنت ، ليكون مصيره بيت المسنين ، فأتيحت لى رؤية ومجالسة بعضهم فى أحد جولاتى ، ورأيت كم أنهم نسوا الحياة تماما ويعيشون فى عالم أقرب للموت ، وعلى شفاههم ابتسامة حزن عميق ، فالأبناء لا يأتون ، منصرفون لحياتهم الخاصة فإذا أتوا إلى الدار لدفع ثمن الإقامة  مدة لا يلبثون بعد دقائق أن  يلتمسوا الأعذار فى الانصراف ،
  • ومنهم من يحيل للدار المصاريف بالبنك ،وهذه المصروفات ماهى إلا قيمة معاش الرجل المسكين الذى حرر توكيلا لابنه أوابنته لصرفه ، ليجلس بقية عمره ينتظر النهاية التى قد تتأخر ، ولكن اليأس والموت البطئ هى الحياة ، فالأولاد هم قرة عينه وقلبه ونبضه كيف يتحركون فى الحياة دون أن يطمئن عليهم تتناوبه المخاوف والهواجس بأخطار على حياتهم ، ليجد فى مقابلها نسيانهم له ، وعدم الحرص على فرحته مثلما كان حريصا على إسعادهم . صحيح أن هناك أبناء أوفياء أتقياء ، يعرفون الله وفضل الآباء.
  • فإذا كان من حظ كبير السن أن يمن الله عليه بشئ من الصحة فهو مذموم من الدولة التى تذبحه بالخروج إلى المعاش ، وتخسف به إلى ماتحت الأرض ليجد دخله انخفض إلى 10% ليسقط فى قاع الدنيا مع الغلاء تحت مسمى 🙁 ماعاش ولا كان )  وربما يكون أبناؤه فى حاجة لتكاليف الزواج ، فيسقط الرجل من عجزه ، بعد أن قضى حياته بشرف ونظافة يد ، فلم يعد هناك أمل فى شئ ، فهذا الذى بنى الأجيال وأقام العمران  وتعب ، تقهره الدولة بإخلاص الأعداء ، فالتأمين الصحى ليس مجال ثقة فى العلاج والدواء ،
  • بل يعتبرونه متسولا فى طابور متزاحم لا يرحم كبيرا أو صغيرا ، فلايجد مايساعده على العلاج  ، ليصطدم بهذا الجفاء من المجتمع  والدولة ، .وتشير الدراسات إلى أن مشكلات كبار السن لا تتمثل فقط في المعاناة الجسمية نتيجة لإصابتهم بأمراض الشيخوخة أو بعض الأمراض المزمنة، بل تتعدى ذلك إلى مشاعر البؤس والشقاء التي تنتج من إحساسهم بأنهم أصبحوا بلا فائدة في المجتمع ، وإلى مشاعر الوحدة واليأس التى تنتابهم. لذلك أصبح من الضروري التفكير فى أن مشكلة كبار السن ليست فقط فى توفير المسكن والملبس والمأكل باعتبارها حاجات مادية ضرورية، فضلاً عن الرعاية الطبية ،
  • بل إن الرعاية لكبار السن يجب أن تمتد إلى إشراك مَنْ له القدرة منهم فى برامج التنمية التى تناسب قدراتهم العقلية والجسمية، لإشعارهم بأهمية الدور الذي يمكن أن يقوموا به مع خبراتهم ، حتى نعطيهم الأمل والحياة فى المجتمع، ويتوفر لهم الرضا والاستقرار النفسى . واستغلال جهدهم وخبراتهم  فى أعمال تعليمية وتربوية والاستشارات المهنية.لأن الاهتمام بالمسنين صحياً واقتصادياً واجتماعياً وترويحياً ، يدخل ضمن واجبات الدولة والمجتمع ، فمازالت فئة المسنين لا تجد اهتماماً كافياً على كل المستويات مع قدرة شريحة منها على العطاء ومنافسة الشباب فى مجالات التنمية والخدمات الاجتماعية .إننا فى الواقع نحتاج لفهم ونشر ثقافة احترام الكبار الذين  تعبوا وربوا ولم يحصدوا شيئا سوى نكران جميلهم بل نكران وجودهم أيضا .
  • المصدر……

مشاركة

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لـ المدينة الرقمية لكبار السن في الدول العربية© 2022