طوال فترة مرض والديه، عجز الحاج رضوان النخالة عن إنقاذ حياتهما بعد تفشي بعض الأمراض المزمنة في جسديهما، فسخّر جل وقته بعد رحيلهما لخدمة كبار السن والمرضى في المستشفيات والمراكز الصحية بقطاع غزة.
وعلى إثر ذلك، راودت النخالة فكرة إنشاء مشفى يهتم بكبار السن داخل غزة، ويعالجهم مجانًا، وزادت أهمية الفكرة طيلة عقد من الزمن بعد اشتداد الحصار، والذي حرم الكثير من المرضى من السفر للعلاج بالخارج.
وعمل النخالة على تحقيق مراده، فقام بإنشاء جمعية تعنى بالمرضى من كبار السن، وتطور مشروعه ليفتتح مركزًا طبيًا يعتبر الأول من نوعه في غزة، لاحتوائه على عدة عيادات طبية وأطباء أكفاء لعلاج الأمراض المزمنة لدى المرضى.
والنخالة عضو في رابطة علماء المسلمين في فلسطين، ويعمل مديرًا لمركز “ربيع العمر” المعني بمتابعة المرضي من كبار السن، وغيره من المراكز الطبية الذي أسسها قبل افتتاح المركز الأخير.
أقسام متعددة
ويشمل المركز الجديد المكوّن من أربعة طوابق على عيادة العيون، والأنف والأذن والحنجرة، وطب النساء، وعيادة الأسنان، والتمريض الباطنة، وكلها تقدم الخدمات للمرضى بالمجان.
ويقتصر المركز على استقبال المرضى بأعمار محددة لا تقل عن 45 عامًا، ويقدم العلاج مجانًا للفقراء، كخطوة أولى للتخفيف عن كاهلهم عبء المرض وارتفاع ثمن علاجه.
ويعمل النخالة على توسيع مركزه ليصبح مستشفى تخصصي، وحاضنة لكبار السن من خلال إنشاء مركز يضم جميع الأنشطة الثقافية والاجتماعية والترفيهية لكبار السن، بالإضافة لإنشاء مكتبات وعدد من المرافق التي من شأنها رفع معنوياتهم.
ويقول لمراسل وكالة “صفا”: “سيكون لنا فرعين قريبًا في المحافظة الوسطى والمحافظة الجنوبية للعمل على تغطية جميع مناطق قطاع غزة، ولكي يستفيد أكبر عدد ممكن من كبار السن الفقراء من هذا المركز الطبي”.
رعاية بالمجان
أما المسن المريض محمد الزهارنة، فيقول إنه لا يكاد يمر عليه يوم دون التردد على المركز لمتابعة علاجه الدوري داخل المركز عبر عياداته المختلفة.
ويشير الزهارنة (57 عامًا) في حديثه لمراسل “صفا”، إلى أن المركز شامل لكل ما يحتاجه المريض المسن من علاج وأدوية، “وكل ذلك بالمجان، حيث يوفر عبء العلاج الذي كان ملقى على عاتقي منذ سنوات”.
ويعاني المواطن من مرض السكري المزمن، والذي أدى لبتر بعض أصابعه، وذلك قبل ذهابه للمركز الطبي، الذي تابع حالته الصحية، وجعلها مستقرة، وفق ما يقول.
ويطالب الزهارنة المسؤولين بضرورة إنصاف كبار السن، والنظر لها بعين الرحمة، ودعم هذه المراكز التي تعمل على تخفيف العبء المالي والنفسي عن كبار السن.
صعوبات جمة
واجهت النخالة طوال عمله على إنشاء وإدارة المركز تحديات كان أبرزها صعوبة الحصول على دعم مالي لإكمال إنشاء المركز، إلا أن اجتهاده وسعيه المتواصل ساعده في إتمام جزء من مشروعه الذي يطمح لتحويله لمستشفى متكامل ومتخصص.
ويضيف “واجهنا صعوبات في شراء بعض الأجهزة، لشُحها داخل القطاع، واستطعنا الحصول عليها بمبالغ مالية باهظة كي يعمل المركز ونحافظ على استمرارية عطائه”.
ويلفت إلى أن بعض البنوك رفضت فتح حساب بنكي للمركز، “الأمر الذي عطّل دخول أموال التبرعات من الخارج، تحت حجج واهية، فعملنا عن طريق وسائل أخرى لإنجاح دخول هذه الأموال”.
طاقم متخصص
أما الطبيب العامل بالمركز سلامة التتر، فيقول إن المركز الطبي يحتوي على نخبة من الأطباء الأكفاء لخدمة المرضى الذين يترددون بشكل كبير على المركز.
ويشير الطبيب التتر في حديثه لمراسل “صفا” إلى أن العمل في المركز كان مجرد فكرة صعبة التنفيذ، “إلا أن جهد القائمين على هذا المشروع جعل منه مركزًا كبيرًا يعالج فئة مهمشة على وجه الخصوص”.
ويضيف “قمنا بتجهيز المركز بجميع أدوات السلامة للمرضى الكبار من خلال تهيئة المكان الملائم لحركتهم وتنقلهم بين أقسام المركز بكل سهولة ويسر”.
ويتمنى التتر أن يتم توسيع المركز ليشمل جميع المناطق داخل القطاع، لخدمة هذه الفئة ويحقق غاية المشروع الذي يهدف لمساعدة وعلاج كبار السن داخل القطاع، بدلًا من السفر للخارج وتحمل تكاليف باهظة لذلك.
ويطالب التتر جميع المسؤولين ووزارة الصحة بتقديم الدعم والرعاية للمراكز الطبية التي تسعى لخدمة فئة معينة من الشعب الفلسطيني في ظل الحصار الخانق على القطاع، من خلال تقديم الأجهزة الطبية وسيارات الإسعاف لنقل المرضى