إن إعلان الأول من أكتوبر يوماً دولياً لكبار السنّ، لا ينم عن اهتمام جديد بهذه المسألة. فقد اهتمت الأمم المتحدة، منذ العام 1982م على الخصوص بحقوق كبار السن.
وصنّفت المنظمة الدولية سوء معاملة كبار السن على أنه مسألة حقوق إنسان، وأقرّت ما يلي:
• توجيه الانتباه إلى المسائل السياسية التي ينطوي عليها سوء معاملة كبار السنّ والتمييز ضدّهم.
• التصدّي لسوء المعاملة فيما يتصل بحق كبار السنّ في الحصول على المنافع الاجتماعية وغيرها من الاستحقاقات.
• التصدّي بفاعلية لسوء المعاملة والعنف.
وأجملت خطة العمل الدولية للشيخوخة التي اعتمدتها الجمعية العالمية الأولى للشيخوخة في فيينا في عام 1982م، حقوق كبار السنّ، وبيّنت مبادئ الأمم المتحدة المتعلِّقة بكبار السنّ حقوقهم في مجالات الاستقلالية والمشاركة والرعاية وتحقيق الذات والكرامة. وفي عام 1995م وجّهت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تعليقها المتعلق بتنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية انتباه الدول الأعضاء إلى حالة كبار السنّ، ووضعت مبادئ توجيهيّة لتسترشد بها الدول الأطراف في تعميق فهمها لالتزاماتها إزاء كبار السنّ في تنفيذ أحكام العهد.
البر بالوالدين الذي أمرنا به الله في القرآن الكريم، ومتانة الروابط العائلية التقليدية ضمن البيت الواحد، وغير ذلك من الاعتبارات الاجتماعية، حفظت لكبار السن مكانتهم اللائقة بهم على وجه العموم، ولم تؤثر المدنية الحديثة كثيراً في ذلك
واعتمدت مؤتمرات القمة التي عقدتها الأمم المتحدة أيضاً التزامات ومبادئ توجيهية، تشدِّد بالخصوص على تعزيز حقوق كبار السنّ، منها إعلان وبرنامج عمل كوبنهاغن اللذان اعتمدهما مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية في عام 1995م وإعلان ومنهاج عمل بيجين اللذان اعتمدهما المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة في عام 1995م، والمبادرات الأخرى من أجل التنمية الاجتماعية التي اتخذتها دورة الجمعية العامة الاستثنائية الرابعة والعشرون، وإعلان الأمم المتحدة للألفية الذي اعتمده مؤتمر قمة الألفية بالأمم المتحدة في عام 2000م.
وترى المواثيق الدولية في هذا الشأن، أن الفقر يزيد حدة الحرمان من حقوق الإنسان الأساسية ويقلل الخيارات والفرص المتاحة لحياة مقبولة. وفي عديد من المجتمعات توجد بين كبار السنّ نسبة غير متناسبة من الفقراء وفقراء الفقراء. ولذلك فإن القضاء على الفقر والحد من العنف هدفان مكمّلان لحقوق الإنسان في عديد من المناطق، وعناصر مهمة من عناصر التنمية البشرية.
والشيخوخة هي إحدى الوسائل التي يُحرَم كبار السنّ بواسطتها من حقوق الإنسان، أو تُنتَهك عن طريقها تلك الحقوق. ويحدث أن تتحوّل الصور النمطية السلبية لكبار السنّ وإساءة معاملتهم إلى قلة اهتمام المجتمع بهم، بما في ذلك خطر التهميش والحرمان من تساوي الفرص ومن الموارد ومن الحقوق. ويؤدي التمييز في العمل على أساس السنّ إلى استبعاد العمّال المسنّين من العمالة النظامية. وتؤثّر القيم الثقافية فيما يتصل بالسن ونوع الجنس على درجة التمييز ضدّ المسنّين في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وقد تنجح النظم القانونية أو تفشل في مقاومة الضغوط التعويضية لحماية حقوق الإنسان.
«لن ننساهم ولو نسونا»
فمهما تنوعت احتياجات المسنين وأحوالهم ما بين القدرة على الاستمرار في العطاء ولو بشكل محدود بعد تجاوز سن العمل، وفقدان كل قدرة على العطاء غير ما يكتنزه القلب من عاطفة أو العقل من حكمة، فإن ما هو مشترك بين كل كبار السن يتمثل في حاجتهم إلى من يتكئون عليه، في مواجهة ضعفهم. ضعف يتطلب يد العون من الجيل اللاحق لرفع تبعاته. ولعل من أجمل ما يلخص واجباتنا تجاه المسنين، وهم في أضعف أحوالهم، الشعار الذي ترفعه إحدى الجمعيات العربية للعناية بالعجزة فاقدي الذاكرة، ويقول : «لن ننساهم ولو نسونا».