يتحدث المواطنون في هذه الأيام من خلال ما يشبه انتفاضة رأي عام بحريني عن هذا الصمت الرهيب الذي يسود الساحتين الرسمية والأهلية حول قضية المتقاعدين التي تصاعدت في فترة من الفترات القريبة لتكون واحدة من أهم وأكبر وأخطر القضايا قاطبة.. بل شهدت اهتماما بالغا من لدن جلالة الملك المفدى وسمو رئيس الوزراء، وتأكيدا بالغا وكريما من لدنهما بأن هذه الفئة من المواطنين «المتقاعدين» لن يضاموا أبدا.
ثم فوجئ المواطنون منذ حوالي أكثر من شهر ونصف الشهر بهذا السكوت وهذا الصمت الرهيب الذي يُخشى منه أن يكون شيئا ما يُدبر بليل ليفاجأ به المتقاعدون والمواطنون ليتم وضعهم أمام الأمر الواقع!!
الحقيقة أن القضية ليست هي قضية المتقاعدين وحدهم.. بل إنها منظومة كبار السن على أرض البحرين الطيبة التي لا يجوز إزاءها الاهتمام بجانب وإغفال جانب آخر.
وحتى أكون صريحا لا بد أن يظهر المجتمع بأكمله اهتماما كاملا بمنظومة كبار السن.. ذلك لأن هذه القضية الإنسانية البالغة تبدأ من وصية الحق سبحانه وتعالى بكبار السن من الآباء والأمهات وغيرهم.. ثم اهتماما من ذوي الشأن والمسؤولين بهذه الفئة حتى تظل هذه القضية مشتعلة، وعلى ضوء هذا الاهتمام تعد وتصاغ القوانين والأنظمة الخاصة بحماية المتقاعدين وحصولهم على حقوقهم كاملة.. وأن تكون لهذه القضية الأولوية على الدوام.
وكلمة حق يجب أن تقال إن بعض المحافظين قد قاموا بدورهم إزاء هذه القضية الإنسانية كما سبق أن كتبنا.. وأن صاحب المسؤولية الرئيسية عن هذه المنظومة التي يجب أن تكون كاملة وهو الوزير الإنسان جميل حميدان وزير العمل والتنمية الاجتماعية يقوم -على الدوام- بدوره إزاء هذه القضية على الوجه الأكمل.. ذلك لأن جميل حميدان يتميز منذ أن وُجد على ساحة العمل والعطاء والمسؤولية وهو يقوم بدوره مضاعفا ومتفانيا بشهادة الجميع وبدون أدنى مجاملة.. وقد قام قبيل وخلال أيام عيد الأضحى المبارك بسلسلة من الزيارات والواجبات الإنسانية إزاء كبار السن.. والحضور إلى مرافق العطاء لكبار السن والتعايش والتحاور معهم.. فقد زار مراكز ودور وأندية رعاية كبار السن جميعها بلا استثناء.. حيث بدأت هذه الزيارات من لدن الوزير بزيارة مركز بنك البحرين الوطني للمسنين، وختم الوزير الإنسان زياراته لمرافق العناية والرعاية بكبار السن بزيارة مركز المحرق للرعاية الاجتماعية في ثالث أيام العيد.
ومما عودنا عليه الوزير حميدان هو أنه يؤثر عدم الانفراد بأي عمل إنساني أو اجتماعي بمفرده.. فهو الذي يؤمن بقول: «بارك الله في الجماعة»، ولذا حرص على أن يحشد لها ويصطحب معه أو يرافقه أعضاء اللجنة الوطنية للمسنين وعدد من المسؤولين في قطاع الرعاية الاجتماعية وفعاليات مجتمعية أخرى وشخصيات مجتمعية أخرى محبة للخير.
وكان يسبق الوزير وهو على رأس هذه «الجماعة الخيِّرة» حرصه على مشاركة نزلاء هذه المراكز فرحة العيد.. باعتبار ذلك واجبا صميما عليه الوفاء به؛ لكون هذه الشريحة تقع تحت مظلة مسؤوليته الإنسانية الواسعة، وتقديرا ظاهرا لهذه الفئة من كبار السن على عطائهم عبر عقود العطاء الطويلة في خدمة مجتمعهم وبلدهم.. كما تجيء هذه الزيارات فرصة طيبة لتأكيد الاهتمام بهذه الفئة من أبناء الوطن، وفي الوقت نفسه دعوة أهاليهم وأسرهم إلى التواصل المستمر معهم.
وشهادة أُسأَل عنها أمام الله أنه في عهد تعليق هذه المسؤولية الإنسانية في عنق جميل حميدان، واهتمامه الإنساني والبالغ بها والملفت لأنظار الجميع، فقد اختفت من ساحة الدائرة المحيطة بمجمع السلمانية الطبي ظاهرة المرضى من كبار السن الذين كان يُلقى بهم في مواقف سيارات المجمع وساحاته المتنوعة.. وهم الذين تركهم أهاليهم بعد أن كانوا قد استجابوا لنداءات المستشفى بأخذ ذويهم من كبار السن الذين لم تعد توجد أَسِرَّة كافية لهم.. وللأسف لبُّوا نداء المستشفى وحملوا ذويهم مجرد خطوات ثم تركوهم حول المستشفى وهربوا.. وقد حدث هذا كثيرا وتناولت الصحافة هذه القضايا كثيرا من قبل، إلى درجة تحذير قادة الوطن من تكرار حدوث ذلك باعتبار أن ذلك ليس من شيم أهل البحرين الكرام!
وهنا لا يفوتنا أن ندعو الله أن يوفق الوزير جميل حميدان في سرعة تنفيذ توجيهات قادة المملكة بزيادة عدد دور الأندية ومراكز الإيواء النهارية في جميع محافظات المملكة لتقديم أفضل الخدمات الرعائية والصحية والنفسية وزيادتها إلى 20 مركزا من أجل رفع جودة حياة المسنين من أبناء المملكة.. ذلك لأن الموجود على الساحة الآن من هذه الأندية والمراكز لا يزال محدودا للغاية بدرجة مؤسفة.
وهنا نتمنى أن يرتفع عدد دور الإيواء الكامل لكبار السن وليس الإيواء النهاري فحسب.. فلا يجوز أن يتجزأ الاهتمام بفئة المسنين نهارا ثم إهمالهم ليلا، فهذا غير جائز بالمرة في البحرين.
فهل عرفتم هنا كيف أن الاهتمام بكبار السن هو منظومة كاملة متكاملة، وأنه لا يجوز الاهتمام بجانب وإهمال الآخر.. وأن اهتمام الحكومة والقادرين من الأهالي بهذه الفئة بجميع جوانبها يسبب إحراجا كبيرا للقائمين على قضية التقاعد والمتقاعدين.. بل الاهتمام الواجب بقضايا كبار السن بجميع جوانبها يجعل الصوت قويا في المطالبة بالاهتمام الواجب بقضية المتقاعدين وعدم إدخالها في طي الإهمال أو النسيان.. بارك الله في أصحاب القلوب الكبيرة والرحيمة.
المصدر : أخبار الخليج