يصنف السقوط كأهم مسبب لتعرض كبار السن للإصابة، ولغاية الآن، فإن الوسائل المتاحة لمراقبة حركة كبار السن من قبل الأطباء لتجنيبهم التعرض للسقوط أو للتدخل السريع لعلاجهم حال سقوطهم، تعد وسائل محدودة للغاية، لكن عددا من الباحثين يحاولون تغيير هذا الأمر.
يواجه كبار السن خطر التعرض للسقوط أكثر من غيرهم، وذلك بسبب معاناة العديدين منهم من مشكلات في البصر وعدم القدرة على التوازن بشكل سليم، هذا بالإضافة إلى معاناة بعضهم من بعض الأمراض كالشلل الرعاشي وألزهايمر، الأمر الذي يزيد من صعوبة نشاطاتهم اليومية بشكل طبيعي.
تتراوح الإصابات التي يتعرض لها كبار السن بين حدوث كدمات وجروح خفيفة إلى إصابات بالغة كالكسور التي تحتاج أحيانا إلى فترة علاج طويلة، علما بأنه قد وجد أن 90% من كسور الورك تصيب من الأشخاص الذين هم فوق الـ50 عاما من العمر و80% من هؤلاء من السيدات.
وحسب ما ذكر الباحث لورينزو شياري من جامعة بولونيا في إيطاليا، فإن تأثير سقوط كبير السن لا يقتصر على ألم الإصابة فحسب، وإنما يتعداه ليشمل الجانب المادي للشخص المصاب وتعطيل نشاطاته اليومية.
ويرى شياري ضرورة محاولة إيجاد الحلول المناسبة لهذه المشكلة عن طريق الوسائل التكنولوجية الحديثة التي أسهمت، حسب قوله، في إتاحة الفرصة للأطباء كي يتمكنوا من متابعة الإشارات الحيوية لمرضاهم، كقياس درجة الحرارة والنبض، عن طريق استخدام وسائل الاتصال اللاسلكية، فلماذا لا نستخدم نفس الوسائل لمتابعة حركة المريض أيضا؟
ولمحاولة تحقيق هذا الهدف، قام عدد من الباحثين بقيادة لورينزو شياري بتجربة أداة اتصال لاسلكية يمكن أن يلبسها المريض تحتوي على مجسات لمتابعة حركة المرضى الذين يخشى عليهم من السقوط، ليقوم الأطباء بعد ذلك باستخدام البيانات المرسلة لهم من قبل أداة الاتصال تلك بهدف مساعدة المرضى على اختيار التمارين الرياضية التي تناسبهم وتحسن من درجة توازنهم، علما بأن الاستخدام الرئيسي للأداة هو الحصول على مساعدة الطبيب المعالج أو أحد الأقرباء في أسرع وقت عند التعرض للسقوط.
ويضيف شياري أن السقوط يكون خفيفا في بعض الأحيان وشديدا في أحيان أخرى، لذا فإن التحدي الأكبر الذي يواجهه فريق الباحثين هو تصميم نوعية خاصة من برمجيات الحاسوب تستطيع تقدير درجة شدة السقوط الذي تعرض له المريض.
ومن الجدير بالذكر أن البرنامج الحاسوبي الذي صممه فريق البحث يمكنه، إلى حد بعيد، التعرف على السقوط الشديد وإرسال رسالة نصية قصيرة SMS أو رسالة بريد إلكتروني e-mail لطلب مساعدة عاجلة، علما بأن هذا البرنامج يكون ضمن حزام يستطيع المريض ارتداءه ويقوم عمله على متابعة حركة المريض ومعرفة مدى توازنه. ويحتوي هذا الحزام على تقنية الاتصال اللاسلكي Bluetooth مرتبطة بشكل مباشر مع جهاز حاسوب الطبيب كي يتم إبلاغه مباشرة حال حصول حادثة سقوط للمريض.
ويحاول فريق البحث حاليا التأكد من سهولة استخدام هذه التقنية ومن أن الحزام مريح عند ارتدائه ولا يشكل أي عائق للمريض، علما بأن نجاح هذه التقنية لا تقتصر على تقديم إسعاف سريع للمريض فحسب، بل إن البيانات التي ستسجلها ستساعد الطبيب على فهم قدرات المريض الحركية ومعرفة أهم الأسباب المؤدية للسقوط من أجل تجنبها فيما بعد.