السخرية من كبار السن ليست مزحة بريئة
في مجتمعاتنا، كثيرًا ما يتم التعامل مع التقدم في السن بخفة ظل مغلّفة بالتهكم. لكن ما يُعتبر “مزاحًا” قد يُخفي تحاملًا خطيرًا يُعرف بـالسخرية من كبار السن، وهو شكل من أشكال التنمر العمري الذي قد يؤدي إلى مضاعفات نفسية وعقلية لا تُستهان بها.
كشفت دراسة حديثة أن السخرية من كبار السن ترتبط مباشرة بتدهور الحالة العقلية وزيادة احتمال الإصابة بـخرف الشيخوخة، مما يُبرز الحاجة إلى مراجعة نظرتنا المجتمعية إلى الكِبر والشيخوخة.
السخرية من كبار السن: أكثر من مجرد تنمّر
عندما تتحول الكلمات إلى جروح نفسية
أظهرت الدراسة، التي نشرتها وكالة أنباء الشرق الأوسط، أن كبار السن الذين يتعرضون للسخرية بشكل متكرر هم أكثر عرضة للانهيارات العصبية، والتي بدورها قد تسرّع ظهور أعراض خرف الشيخوخة. فبدلاً من أن ينعموا بالدعم المجتمعي والاحترام، يجدون أنفسهم محاطين بسلوكيات تُقوض الصحة النفسية لكبار السن وتدفعهم إلى العزلة واليأس.
العلاقة بين السخرية من كبار السن وخرف الشيخوخة
كيف تؤثر السخرية على وظائف الدماغ؟
يشير الباحثون إلى أن السخرية من كبار السن تؤدي إلى زيادة مستويات التوتر والضغط النفسي، ما يؤثر سلبًا على الدماغ. كما أن ارتفاع معدلات المادة الرمادية الناتج عن الضغوط النفسية، قد يسهم في تسريع وتيرة الإصابة بـخرف الشيخوخة، خاصة لدى من يعانون من هشاشة نفسية أو يعيشون في ظروف اجتماعية قاسية.
التنمر العمري|وجه آخر للتمييز الخفي
من النكات إلى التهميش المؤسسي
لا تقتصر السخرية من كبار السن على الكلمات فقط، بل تمتد إلى صور أكثر خطورة مثل التنمر العمري في بيئات العمل، والإقصاء من النقاشات، وتجاهل آرائهم. جميع هذه الممارسات تُضعف ثقة كبار السن بأنفسهم، وتُقلل من تقديرهم لذواتهم، مما يُعمّق مشكلات الصحة النفسية لكبار السن، ويدفعهم تدريجًا نحو الانسحاب المجتمعي.
الصحة النفسية لكبار السن تحتاج إلى حماية مجتمعية
لماذا علينا التوقف عن الاستخفاف بالشيخوخة؟
الشيخوخة مرحلة طبيعية، بل ثمينة، تحتاج إلى دعم ورعاية وتقدير. وبدلاً من أن يُعامل كبار السن كمصدر للسخرية، يجب النظر إليهم كمصدر للخبرة والحكمة.
إن دعم الصحة النفسية لكبار السن يبدأ من تغيير الخطاب الاجتماعي، ومحاربة السخرية من كبار السن كنوع من أنواع العنف النفسي الخفي.
لنواجه السخرية من كبار السن بوعي ومسؤولية
قد تكون كلمات بسيطة أو “نكتة عابرة” هي الشرارة التي تُشعل سلسلة من الانهيارات النفسية والعقلية لدى كبار السن.
فلنُدرك أن السخرية من كبار السن ليست تعبيرًا عن روح الدعابة، بل نوع من التنمر العمري المؤذي الذي يهدد الصحة النفسية ويدفع البعض نحو خرف الشيخوخة أو حتى الوفاة المبكرة.
فلنكن أكثر وعيًا وأكثر إنسانية.
الأسئلة الشائعة حول السخرية من كبار السن
1. ما المقصود بالسخرية من كبار السن؟
السخرية من كبار السن هي نوع من التنمر العمري، يتجلى في التعامل اللفظي أو السلوكي الذي يقلل من شأن كبار السن، من خلال النكات، التعليقات الجارحة، أو التقليل من قدراتهم العقلية والجسدية فقط بسبب العمر.
2. هل السخرية من كبار السن تؤثر على صحتهم النفسية؟
نعم، تؤثر بشكل كبير. فقد بينت دراسات أن السخرية المتكررة تُضعف الصحة النفسية لكبار السن، وتزيد من مشاعر العزلة والقلق والاكتئاب، مما يؤدي أحيانًا إلى مضاعفات عقلية مثل خرف الشيخوخة.
3. ما هو الفرق بين السخرية والتنمر العمري؟
السخرية من كبار السن قد تكون جزءًا من التنمر العمري، وهو مفهوم أوسع يشمل جميع أشكال التمييز أو الإقصاء بسبب التقدم في السن، سواء في بيئة العمل أو الإعلام أو الحياة الاجتماعية.
4. كيف يمكن أن تؤدي السخرية إلى خرف الشيخوخة؟
الإجهاد الناتج عن التعرض للسخرية المستمرة يمكن أن يُحدث تغييرات في الدماغ، مثل زيادة المادة الرمادية، مما قد يرفع احتمالات الإصابة بـخرف الشيخوخة، خصوصًا لدى من يعيشون ظروفًا نفسية واجتماعية صعبة.
5. كيف يمكننا الحد من السخرية من كبار السن في المجتمع؟
يتطلب الأمر تغييرًا في الثقافة المجتمعية عبر:
-
التوعية الإعلامية بخطورة السخرية من كبار السن.
-
إدماجهم في الحياة الاجتماعية والعملية.
-
تعزيز احترام الجيل الأكبر، وتقدير مساهماتهم.
-
إيقاف تداول النكات السلبية حول الشيخوخة.
6. هل هناك علاقة بين السخرية من كبار السن والوفاة المبكرة؟
تشير بعض الدراسات إلى أن كبار السن الذين يعانون من التنمر العمري والسخرية المتكررة هم أكثر عرضة للانهيار العصبي، والذي قد يُسرّع تدهورهم الصحي، ويزيد من خطر الوفاة المبكرة.
المصادر:
الرأي
دار الافتاء – اليوم السابع