900 مليون شخص على مستوى العالم في سن المعاش

السويد في الصدارة لحسن معاملة كبار السن
احتلت السويد صدارة قائمة الدول التي توفر حياة جيدة للمسنين، وتلتها كل من النرويج وألمانيا، بينما جاءت هولندا في المرتبة الرابعة وبلجيكا في المرتبة الـ24، بينما احتلت أفغانستان مؤخرة القائمة.
جاء ذلك في نتائج دراسة أعدتها منظمة مساعدة كبار السن بالتعاون مع الأمم المتحدة، بمناسبة اليوم العالمي للمسنين الذي وافق الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، والتي أشارت إلى أن العالم يوجد به الآن 900 مليون شخص تزيد أعمارهم على 60 عاما، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى ملياري شخص في عام 2050. وقد شملت الدراسة الاهتمام بأحوال المسنين من حيث الدخل والصحة والعمل وفرص التدريب ومدى توفير بيئة ملائمة لكبار السن. وحذرت الدراسة من أن هناك دولا مثل الأردن ونيكاراغوا وفيتنام تتسارع فيها معدلات الشيخوخة، وطالبت صناع السياسة في تلك الدول بضرورة اتخاذ إجراءات سريعة.
وحسبما ذكر الإعلام الهولندي، لمحت الدراسة إلى أن ترتيب الدول في القائمة لا يرتبط بشكل أساسي بكونها دولا غنية، فهناك دول مثل بلجيكا احتلت المرتبة الـ24 في القائمة، كما أن الأمر غير مرتبط بتحقيق النمو الاقتصادي حتى تتوافر الأجواء الملائمة أو التأثيرات الإيجابية على وضعية المسنين.. فمثلا دولتا البرازيل والصين لم تحتلا مراكز متقدمة، بل جاءتا في المركزين 31 و35 من القائمة، وسجلت كل من الهند وروسيا مركزين متأخرين فحلتا في 73 و78. وفي كلمة له أمام منتدى اقتصادي انعقد في إيطاليا مؤخرا، قال هرمان فان رومبوي رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي «هناك ملحوظة مهمة وهي أن متوسط الأعمار في أوروبا (القارة العجوز) متوقع له الارتفاع ثلاثة أشهر كل عام، وخلال العام الحالي ولأول مرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية فإن عدد السكان الأوروبيين القادرين على العمل يهبط إلى أقل من معدل 300 مليون من بين ما يقرب من نصف مليار نسمة إجمالي تعداد سكان الاتحاد الأوروبي، وبالتزامن مع هذا فإن عدد كبار السن في الارتفاع، وبالتالي سيكون لدينا ثلاثة متقاعدين مقابل كل عشرة عمال.. وفي عام 2060 سيكون هناك ستة متقاعدين مقابل كل عشرة عمال».
وبحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة، طرأ تغير جذري على التركيبة السكانية في العالم في العقود الأخيرة. ففي الفترة ما بين عامي 1950 و2010، ارتفع العمر المتوقع في جميع أنحاء العالم من 46 عاما إلى 68 عاما، ويتوقع أن يزيد ليبلغ 81 عاما بحلول نهاية هذا القرن. وجدير بالملاحظة أن عدد النساء يفوق عدد الرجال في الوقت الحالي بما يقدر بنحو 66 مليون نسمة في ما بين السكان الذين تبلغ أعمارهم 60 سنة أو أكثر. ومن مجموع من بلغوا 80 سنة أو أكثر، يصل عدد النساء إلى ضِعف عدد الرجال تقريبا، ومن بين المعمرين الذين بلغوا من العمر مائة سنة يصل عدد النساء إلى ما بين أربعة أو خمسة أضعاف عدد الرجال. وللمرة الأولى في تاريخ البشرية سيزيد عدد الأشخاص الذين تجاوزوا الستين عن عدد الأطفال في العالم في عام 2050. وهناك أعداد كبيرة من الأشخاص تزيد أعمارهم على 60 عاما.
وبحلول عام 2050، سيكون هناك بليونا نسمة، أي ما يزيد على 20 في المائة من مجموع سكان العالم، تبلغ أعمارهم 60 عاما أو أكثر. وستكون زيادة عدد كبار السن أكثر وأسرع في بلدان العالم النامي، وستُصبح آسيا المنطقة التي تضم أكبر عدد من كبار السن، وتواجه أفريقيا أكبر زيادة متناسبة في هذا الصدد. ومع مراعاة هذا، من الواضح أنه يلزم إيلاء المزيد من الاهتمام للاحتياجات والتحديات الخاصة التي يواجهها العديد من كبار السن. بيد أن المساهمة الجوهرية التي يمكن أن يُسهم بها أغلبية كبار السن من الرجال والنساء في أعمال المجتمع إذا توفرت ضمانات كافية، تتسم بالقدر نفسه من الأهمية. وتكمن حقوق الإنسان في صميم جميع الجهود المبذولة في هذا الشأن. وخلال العقد الماضي أدت شيخوخة السكان إلى الأخذ بسياسات وبرامج جديدة، احتل فيها القطاع الاجتماعي مكان الصدارة، كما يتبين من أغلبية المساهمات التي قُدمت من أجل إعداد هذا التقرير.
وصممت العديد من الحكومات في بلدان ذات اقتصادات متقدمة النمو ونامية أو بدأت سياسات ابتكارية على النظم الصحية أو الضمان الاجتماعي أو الرعاية الاجتماعية. وبالإضافة إلى هذا، تم سن العديد من الوثائق الإطارية المتعلقة بالسياسات العامة، بما في ذلك خطط عمل وطنية معنية بالشيخوخة. كما بدأت تظهر تدابير تشريعية تتصل بفئة عمرية محددة في مجالات متباينة مثل قوانين بناء وتراخيص ورصد مراكز الرعاية والتدريب المهني. وتشارك جميع مستويات الحكومة من المحلية إلى الوطنية في تحمل هذه المسؤولية، وقامت إما بإقامة مؤسسات جديدة وإما تجديد المؤسسات الموجودة حاليا من أجل السعي إلى طرق للتصدي تدريجيا للتحديات التي يواجهها كبار السن. وقد اختارت المؤسسات الحكومية نهجا متنوعة في تحديد الأولويات. وتسلط هذه الخيارات الضوء على التصورات المختلفة للدور الذي يؤديه كبار السن في الأسرة والمجتمع ككل. وفي بعض الحالات تهدف التدابير إلى التقاط الديناميات المتغيرة بسرعة في المجتمعات المحلية والمجتمعات، وتدعو إلى إلقاء نظرة ثانية على التصورات الحالية بشأن كبار السن والعمل، وآليات رعاية المسنين، ونظم الدعم المشتركة بين الأجيال، والقيود المالية.
وقد صممت بعض الحكومات سياسات تقوم على مبدأ الشيخوخة الفاعلة والاستقلال الذاتي، تهدف إلى تيسير مواصلة الحياة باستقلال في المنزل، وتوفير الخدمات والمرافق التي تلبي أنواعا شتى من الاحتياجات. وتشدد تدابير أخرى على الروابط العائلية وتقديم الدعم لوحدة الأسرة بوصفها المصدر الرئيس لتقديم الرعاية لكبار السن. وفي جميع الحالات، من الجوهري إنشاء شبكة من الجهات الفاعلة الخاصة، بما في ذلك مختلف المنظمات التطوعية والمراكز المجتمعية، كي يؤدي النظام بأكمله مهمته بسلاسة. وتتردد بصورة خاصة ضرورة الاستجابة لحالة النساء المسنات اللاتي يواجهن تفاوتات نتيجة لأدوارهن القائمة على أساس نوع الجنس في المجتمع. وتشكل العلاقات بين الجنسين كامل دورة الحياة، مما يؤثر على إمكانية الاستفادة من الموارد والفرص، ويتسم تأثيرها بأنه مستمر وتراكمي على حد سواء.
وتأتي الظروف المختلفة التي تشكل حياة النساء والرجال في سن الشيخوخة نتيجة التجارب التي يمرون بها طول حياتهم. وتمثل الصحة الجيدة والأمن الاقتصادي والسكن اللائق والعيش في بيئة مواتية والحصول على الأراضي أو أي موارد إنتاجية أخرى، العناصر الأساسية للشيخوخة بكرامة، إلا أن تحقيقها يتوقف على قرارات وخيارات لا يحددها كل فرد سوى جزئيا. ويصبح أثر التفاوتات بين الجنسين في التعليم والعمل أوضح ما يمكن في سن الشيخوخة. ونتيجة لذلك، من الأرجح أن تصبح النساء المسنات أكثر عرضة للفقر من الرجال المسنين. وعلاوة على ذلك، كثيرا ما تتحمل المسنات المزيد من المسؤوليات عن رعاية الأسرة مع القيام في الوقت نفسه بتدبير أمور ظروف عمل تتسم بعدم المرونة وسن التقاعد الإلزامية وعدم كفاية المعاشات التقاعدية واستحقاقات الضمان الاجتماعي الأخرى، مما يجعلهن ومَن يُعهد إليهن برعايتهم، في حالة ضعف بالغة. وبلا شك، تشكل الشيخوخة، وما يصاحبها من تحديات لحقوق الإنسان أو تأنيثها، تحولا لم يسبق له مثيل في النسيج الاجتماعي لجميع المجتمعات، وتترتب على ذلك عواقب بعيدة المدى. بدأ المجتمع الدولي تسليط الضوء على حالة كبار السن في خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة، التي اعتمدت في الجمعية العالمية للشيخوخة في عام 1982. وازداد تعزيز التفهم الدولي للاحتياجات الأساسية اللازمة لرفاه كبار السن نتيجة اعتماد مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن لعام 1991، والأهداف العالمية في مجال الشيخوخة لعام 2001 التي اعتمدت في عام 1992، والإعلان بشأن الشيخوخة لعام 1992. وجدد الإعلان السياسي وخطة عمل مدريد الدولية للشيخوخة، عام 2002، واللذان اعتمدا في الجمعية العالمية الثانية للشيخوخة، وأيدتهما الجمعية العامة في قرارها 167/57، توافق الآراء السياسية بشأن وضع جدول أعمال معني بالشيخوخة، يركز على التنمية والتعاون الدولي وتقديم المساعدة في هذا المجال.
ومنذ اعتماد خطة عمل مدريد الدولية، استُرشد بها في صياغة سياسات وبرامج على الصعيد الوطني، واستُلهمت في وضع خطط عمل وطنية وإقليمية، وقدمت إطارا دوليا للحوار. وأكدت الدول الأعضاء من جديد، في الإعلان السياسي الذي اعتمد في مدريد، التزامها بتعزيز وحماية حقوق الإنسان، ودعت إلى القضاء على التمييز والإهمال وإساءة المعاملة والعنف على أساس السن. وتضمنت خطة مدريد الدولية على الأخص توجيهات بشأن الحق في العمل والحق في الصحة والمشاركة والمساواة في الفرص في جميع مراحل الحياة، وشددت على أهمية مشاركة كبار السن في عمليات صنع القرار على جميع المستويات.
وتشمل الأولويات التي حُددت في خطة عمل مدريد الدولية طائفة واسعة من القضايا: تكافؤ فرص العمل لجميع كبار السن؛ ووضع برامج تتيح لجميع العمال الحصول على الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي، بما في ذلك، عند الاقتضاء، المعاشات التقاعدية، والتأمين ضد العجز، والاستحقاقات الصحية؛ وتحديد حد أدنى من الدخل يكفي لجميع كبار السن، مع إيلاء اهتمام خاص للفئات المحرومة اجتماعيا واقتصاديا. وتم التشديد أيضا على أهمية التعليم المستمر والإرشاد المهني وخدمات التوظيف، بما في ذلك بغرض الحفاظ على أقصى قدرة وظيفية لكبار السن وتعزيز الاعتراف العام بإنتاجيتهم ومساهماتهم. وتمثل الصحة أيضا معلما رئيسا في خطة عمل مدريد. وتشمل أحكامها مفاهيم الوقاية والمساواة في الحصول على الرعاية الصحية والمشاركة الفعالة وأثر فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) في ما يتعلق بكبار السن والوظائف الكاملة التي تؤديها بيئات الدعم وتقديم الرعاية. وتشمل معظم معاهدات حقوق الإنسان الأساسية ضمنا التزامات عديدة إزاء كبار السن، رغم عدم وجود أحكام محددة تركز عليهم. وتنطبق هذه الصكوك على كبار السن بقدر ما تنطبق به على سائر الأشخاص، وتنص على توفير الحماية لحقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك الحق في التمتع بأعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة البدنية والعقلية، وعدم التعرض للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة، والمساواة أمام القانون، فضلا عن التمتع بمستوى معيشة لائق دون تمييز لأي سبب من الأسباب.