لا نستطيع التكلّم عن كبار السن مالم نعرفهم ، وبحسب مختصين تنقسم الشيخوخة الى مرحلتين : المرحلة الاولى المبكّرة التي تمتد من 60 – 75 عاماً ، والثانية الهرم من 75 عاماً حتى نهاية العمر . وفي هذه المراحل يتغير الانسان تغييراً نفسياً وعضوياً لكونه في فترة الشباب يتمتع بالقوة البدنية والعقلية ، وهذا ما يجعله يواجه المشكلات بارادة وقوة وحيوية واندفاع ، لكن في شيخوخته يصبح ضعيف البنية يعتمد على الاخرين بقضاء حاجاته الحياتية ، ولهذا يبقى يعيش على ذكريات الماضي التي كان فيها قوياً ويهمل الحاضر ، من هذا المنطلق علينا معرفة سيكولوجية الشيخوخة وفهم الحالات النفسية لابائنا وامهاتنا وكل المقربين منا لاجل اسعادهم وتوفير اجواء ملائمة لشيخوختنا القادمة .
الأم المسكينة
لم تستغرب الشابة شهباء من تصرفات امها الجديدة التي تشبه زعل الاطفال وغضبهم في ما يخص طلباتها واسلوبها الجديد بالكلام واحتدامها لاتفه الاسباب ، لكونها هيأت نفسها لهذه المرحلة الحرجة التي تحتاج لاستعدادات عقلية ومراعاة خاصة للام المسكينة التي لا تعرف أن تواجه التغيرات التي طرأت على جسدها وواجهت صعوبة في التكيف مع الضغوط الخارجية التي فرضها عليها واقع الحال . وهذا ما يتطابق مع كلام الدكتور في علم النفس ( الجامعة المستنصرية ) عباس حسن الذي يؤكد على حالة الهدم في الجانب العقلي وتردي القدرات الجسديّة ، ومن الواجب الاخلاقي احتواء الفرد الذي يمر بمرحلة الشيخوخة، فانه يريد طلباته ان تنفذ بالكامل وان تباطأ الاخرون بانجازها جعله يثور ويحزن وربما يقلب الماعون الذي فيه الاكل او يضرب عن الطعام ، وبالتعامل الحسن معه نشعره بانه مازال مهماً وكل الذين يعيشون
في داخل البيت لا يستغنون عن وجوده
وحضوره وتجاربه السابقة التي تفيدهم في مشوار حياتهم الطويل الذي يتكئ على تجارب الكبار .
تعويض النقص
استوعب الشاب وليد كريم طبائع والده الجديدة في العناد والاصرار والنقاش المحتدم ، واصبح يعامله بطريقه خاصة ترضيه ولا تثير غضبه وتقلل من انفعاله الذي بدأ يتزايد حينما تجاوز عمر السبعين ، توصي الدكتورة في علم النفس جامعة #بغداد انتصار هاشم، الاهتمام بالمسنين وعدم جرح شعورهم ، لان الفرد الذي تتراجع قواه الجسمية والعقلية والانفعالية يصبح عدوانياً وحساساً اكثر من اللازم مندفعاً في اغلب الحركات التي يقوم بها ، فيميل الى تعويض هذا النقص الذي طرأ على جسده من خلال نشاطه العقلي وعن طريق ابتكار اساليب وحلول مختلفة للمشكلات السابقة التي لايقوى على حلها الان بسبب الوهن وضعف البصر والقلب والامراض الاخرى التي ألمت به في الشوط الاخير من الحياة ، وان اكثر
الامور التي تسعدهم هي توفر المواد الغذائية التي تلائم عمرهم والعناية الصحية التي يتلقونها في داخل البيت او من قبل الدولة التي تقع عليها مسؤولية الاهتمام بالمسنين بشكل خاص .
عشق الذات
تفاجأت الشابة زهراء بعشق امها الى نفسها والاهتمام الزائد بالنظافة والصلاة واقتناء الحاجيات وضمها في صندوقها القديم وما اثارها حبها لذاتها بشكل متطرف وغريب ، يشير الدكتور في علم النفس جامعة #بغداد ياسين حميد يواجه الانسان الكبير في العمر صعوبة كبيرة في المحافظة على مكانته الاجتماعية السابقة في المجتمع المتطور ، وعلى سبيل المثال سخرية الاطفال من كبار السن الذين لا يواكبون التطورات الالكترونية لاسيما عدم معرفتهم استخدام تقنيات جهاز النقال الحديث الهائلة ، فيلوذون بالعزلة ويميلون الى التصوف والعبادة جراء شعورهم الشديد بالموت وقرب النهاية ، وفي هذه الفترة المحرجة يصبح الفرد ذاتي المركز وفي سلوكه العام شيء من النرجسية الواضحة ولهذا نراه يقوم بهذه التصرفات التي تثير استغرابنا في حين انها عادية لديه جداً ، واذا اردنا مساعدته فهي تقبلنا بشكل طبيعي لوضعه الجديد الذي سوف نمر به لاحقاً .
مسيرة حافلة بالعطاء
المصدر : إدخل هنا