المسنون السوريون في لبنان..
هموم وتطلعات
في ظل التحديات التي تواجه اللاجئين السوريين في لبنان، يعاني كبار السن رجالاً ونساءً، ممن تخطوا سن الـ 50عاماً من مشكلات كثيرة، ليس أولها إهمالهم إعلامياً مقابل تسليط الضوء على الشباب والأطفال، ولا آخرها مسؤوليات لم يتوقعوا حملها يوما ما، وبين هذا وذاك يبقى التفكير في مستقبل أفضل وحلول سريعة هاجساً ربما يتحرك معه من هم معنيون بقضاياهم.
-#- هم الفئة الأقل تعداداً بين اللاجئين
لا وجود لإحصائيات دقيقة عن حجم اللاجئين السوريين الذين تجاوزوا سن الـ 50 عاماً إلا أن الزيارة القصيرة إلى مخيمات اللاجئين أو تجمعاتهم على طول الأراضي اللبنانية يبين أن نسبتهم لا تتعدى الـ 10 بالمئة من مجمل اللاجئين، بما فيهم غير المسجلين في سجلات الأمم المتحدة الذين تخطوا عتبة المليون ونصف، وتتفوق نسبة الشباب من الجنسين على باقي الفئات العمرية، تليها نسبة الأطفال، إلا أن هذه الفئة – فئة كبار السن-إما أنها عاجزة لا تستطيع فعل شيء، أو أن مهامها أكبر من أن تستطيع هي حملها، حسب ما أفاد به عدد من الموظفون في جمعيات إغاثة اللاجئين لـ ARA News.
وتزداد النسبة تبعاً لزيادة تعداد اللاجئين في المناطق المختلفة، حيث ترتفع نسبتهم في البقاع وأقضية طرابلس، وتنخفض باتجاه الجنوب، ومعها تختلف احتياجاتهم وكمياتها، فمناطق البقاع هي الأكثر برودة وبالتالي هم أكثر تعرضاً للأمراض هنالك.
-#- الأولاد وهمهم
بالرغم من هموم اللجوء الكثيرة إلا أن أكثر ما يشغلهم اليوم هو مستقبل أولادهم أو كيف سيعيشون في ظل صعوبات الحياة الكثيرة.
أبو مازن، 57 عاماً، من دمشق مقيم في طرابلس قال لـ ARA News «خرجت من سوريا مع زوجتي وأمها، دون أن نحضر معنا شيء آخر سوى ثيابنا، موقف الحرب كان صعباً جداً، إلا أن الأصعب تفرّقي عن أولادي، فأنا لدي ثلاثة أولاد شباب، اثنين متزوجين، خرجنا ولم أستطع الالتقاء بهم أبداً، ولكني علمت بعدها أنهم سافروا مع عائلاتهم إلى تركيا، وأرسلوا لي ابني الأخير حتى يقوم بإعالتنا».
يتابع أبو مازن «رغم أن معاناتي كانت هنا لا توصف، إلا أن تفكيري بأبنائي كان يقلقني دائماً، وحتى بعد معرفتي بمكانهم، ما زلت قلق حول ما إذا كانوا مرتاحين أم لا، كم أتمنى أن نجتمع في بلدنا من جديد كما كنا».
-#- أعبائهم لا تحتمل
أبو عبد الله، 53 عاماً، من حلب مقيم في قضاء بيروت يتحدث قائلاً «للأسف هربت من الحرب في سوريا لأجد نفسي مع ثلاث نساء لا معيل لهن، وبالتالي أنا المعيل الوحيد، سجلنا في المفوضية، إلا أن المعونات غابت عنا أيضاً، وهنا أسأل، ما هي الفائدة من هذه المفوضية؟».
ويضيف أبو عبد الله «المطلوب مني اليوم، تأمين المعيشة لهن ولي، المأوى، ومعالجتهن إن مرضن، وحمايتهن من هذا الزمن العاطل، لا أعرف كيف يمكنني حتى التفكير في كل هذه الأمور، فكيف سأقوم بها؟!».
-#- المراكز الطبية إما مكلفة أو بعيدة
أما أم محمد، 51 عاماً، من إدلب مقيمة في صيدا تقول «أعاني من عدة مشاكل صحية، وهو ما يضطرني لزيارة الطبيب بشكل دوري، عند كل زيارة إلى الطبيب أدفع مبلغاً من المال، ومع وجود حسومات على المبلغ الأساسي من الأمم المتحدة، إلا أن المبالغ التي أدفعها ليست بقليلة، وأولادي أصبحوا يعملون فقط لتأمين طبابتي، هذا فضلاً عن بعد المراكز الطبية عن مكان إقامتي، وأنا لا أستطيع السير لمسافة كبيرة وهو ما يعني معاناة جديدة لي».
وتتابع أم محمد حيثها لـ ARA News «عندما قدمنا في البداية إلى لبنان كانت هنالك سيارات تجول في الأحياء وتسأل اللاجئين في منازلهم عما إذا كانوا يحتاجون أدوية أو مستلزمات طبية، كانت توفر علينا الكثير من عناء التنقل والمصروف، أما الآن فلم نعد نراها أبداً».
بدورها تقول أم ياسر، 62 عاماً، من حلب مقيمة في صيدا أيضاً «أحتاج إلى العديد من الأدوية شهرياً، وبالتالي دفع مبالغ هائلة، وهو ما لا أستطيع تحمله»، ثم تتساءل «هل من الصعب على كل المنظمات العالمية التي تعمل في مجال الإغاثة تأمين علاج وأدوية لنا بدل من أن نشحذ ثمنها المرتفع من هنا وهناك؟».
-#- برامج دعم اللاجئين خالية من النشاطات
وفي كثير من الأحيان، لا يجد كبار السن ما يفعلونه، يعيشون مللاً صعباً في ظل انتظار فرج ما، في حين أنهم قد يمتلكون طاقات لا تستثمر.
أبو مهند، 55 عاماً، من مدينة دمشق، مقيم في أحد مجمعات اللاجئين في الجنوب يقول «كنت في سوريا أستاذ وموجه تربوي لمادة التاريخ، وبعد تقاعدي وبدء الأحداث في سوريا قدمت مع عائلتي إلى لبنان، ومنذ ذلك الحين لا أعمل شيء، فالأعمال في لبنان تحتاج إلى شباب، وحتى شبابنا أيضاً نادرة ما يجدون عملاً، فكيف سأجد أنا عملاً يناسبني ويناسب خبرتي».
ويردف أبو مهند «ربما أستطيع بخبرتي أن أفيد جيلاً كاملاً، وهو ما يجب أن تدعمه المنظمات التي تعمل على ملفات اللاجئين في لبنان، تقوم بعمل مشاريع تستفيد ممن يمتلك الخبرة على اختلاف أعمارهم في النهوض باللاجئين وتوعيتهم، بدل من بقائنا دون أي فائدة».
يذكر أن لبنان يستضيف على أراضيه أكثر من 1.1 مليون لاجئ سوري، يسكن أغلبهم في بيوت وشقق سكنية مستأجرة، إلا أن السلطات اللبنانية أقرت مؤخراً عدداً من الإجراءات التي تحد من حركة السوريين من وإلى لبنان، كما أنها حددت شروط عملهم.
المصـــدر : نبض الشمــال