يبدو للبعض أن تصرفات تصدر عن مسنين، في الغالب بعد تجاوز الستين من العمر، عادية، من قبيل نسيان مكان وضع المفاتيح، أو مكان ركن السيارة، ونسيان تناول الأكل، وغيرها، غير أنها علامات تفرض التساؤل عن احتمال وقوف مرض ما وراء مثل هذه السلوكات أو التعاملات اليومية، والذي يكون في الغالب مرض “الزهايمر”، وفق ما أورده الدكتور محمد بوتباوشت، العضو بجمعية “المغرب الزهايمر”، خلال ندوة صحافية بأكادير.
مرض الزهايمر، وفقا للدكتور بوتباوشت، هو مرض عصبي يؤثر على أجزاء من المخ؛ مما يؤدي إلى تأثر وظائف الذاكرة، والذكاء، واللغة، والقدرة على الحكم على الأمور، والقدرة على التفكير المنطقي والسلوك، ويُطلق عليه أحيانا “خرف الشيخوخة”، نتيجة للتدهور المستمر في تلك الوظائف مع التقدّم في السن، ولأنه يُصيب كبار السن بالأساس، فيما عدا حالات نادرة جدا، موردا أن الأبحاث أثبتت أن العناية بالمريض والوقوف إلى جانبه تؤدي إلى أفضل النتائج مع الأدوية المُتاحة.
وعن مسبّبات المرض، أورد المتحدث في عرض قدّمه بأكادير، أن السّنَّ هو أكثر العوامل المشجعة لظهور الزهايمر، إذ إن غالبية المرضى يُصابون به بعد سن 65. ويمكن أن تؤدي أمراض الأوعية الدموية إلى الإصابة بهذا المرض، بالإضافة إلى أن إصابات الرأس الخطيرة تزيد من فرص الإصابة به.
كما كشفت دراسات أن التلوث البيئي (تعرض المخ لنسبة كبيرة من أكسيد الألمنيوم) قد يكون سببا للمرض، إضافة إلى أن الكثافة السكانية أدت إلى تغير أساليب الحياة، إذ أصبحت الغالبية تعتمد على الأجهزة والآلات وتناول أغذية مصنعة، ما يؤدي إلى إتلاف خلايا المخ بسبب عدم استعمالها، دون إغفال السمنة، يضيف بوتباوشت.
“ويبلغ عدد المُصابين بهذا المرض بالمغرب حوالي 150 ألف مصاب. وتظهر سنويا نحو 20 إلى 30 ألف حالة جديدة، غير ألا شيء جرى تفعيله بخصوص هذا المرض، مما يجعل مسؤولية كل المتدخلين في ميدان العناية بالمسنين تتعاظم، قطاعات حكومية، وباحثين، وجمعيات مدنية”، يورد بوتباوشت، الذي كشف غياب الأطر الصحية المكونة والمؤهّلة في مرض “الزهايمر”، مقترحا إحداث برنامج لتكوين “المساعدين العائليين” أو مرافقي المرضى.
وقال المسؤول في جمعية “المغرب الزهايمر” إن مركزا لاستقبال المرضى رأى النور بمدينة الصويرة في أفق إحداث آخر بجهة سوس ماسة، وتعميم التجربة بمختلف مدن المغرب، والهدف منها تبادل التجارب بين العائلات، وتحسين معايير المرافقة للتخفيف من الحالة المرضية للمُصاب، مع التقليل من استعمال الأدوية، والتشخيص المبكر.
ودعا بوتباوشت، إلى تجاوز تلك النظرة التقليدية السائدة في المجتمع، والتي تدفع بعض الأسر إلى “حبس” المريض، مع احترام كرامتهم، وتوفير الحماية الاجتماعية والصحية، والحد أو التقليص من استعمال أدوية المعالجة للأمراض النفسية أو المسكنات والمهدئات، مع العمل على تكوين قاعدة معطيات تهم عدد المصابين الحقيقي، تكون متاحة للأطباء والباحثين في الميدان.