عمان- ما يميز داء السكر بالإضافة إلى أنه من الأمراض المزمنة أنه مرض يوجب على المريض التعامل معه مدى الحياة، ومرضى هذا الداء يصيبهم القلق الشديد في بداية تشخيص المرض لديهم أي أول ما يعرفون بإصابتهم به، والسبب في ذلك يعود إلى عدم وجود المعرفة الكافية لدى هؤلاء حول ماهية هذا المرض وطرق التعامل معه.
لذا رأينا أن يكون موضوعنا اليوم حول مرض السكر لعلنا نحقق الفائدة المرجوة لجميع من يعانون من هذا المرض.
نبدأ أولا بتعريف مقتضب لمرض السكر، ومن ثم سوف نتوسع في الحديث عن أنواعه وأسبابه وكيفية التعامل معه:
يتراوح معدل السكر الطبيعي في الدم ما بين 70 و110 ملغم في كل ديسيليتر من الدم، فإذا زاد عن هذا الحد فإن ذلك يدل على وجود خلل ما في الآلية التي تعمل على الحفاظ على معدل السكر في الدم في جسم الإنسان، وهذا الأمر بدوره يشير إلى احتمالية الإصابة أو حتى الإصابة الفعلية بمرض السكر.
يحتاج جسم الإنسان لسكر الجلوكوز لأنه أهم مصدر من مصادر الطاقة وسكر الجلوكوز الموجود في الدم يأتي من المصادر التالية:
الطعام الذي يمتص من الأمعاء إلى الدورة الدموية؛ حيث تتحول معظم النشويات بعد هضم الطعام وامتصاصه إلى سكر الجلوكوز لاستعماله في إنتاج الطاقة وعمليات البناء.
الكبد الذي يعمل في حال انخفاض نسبة السكر في الدم على تحويل مادة الجلايكوجين المخزنة فيه إلى سكر الجلوكوز وإطلاقه إلى الدم مما يؤدي إلى ارتفاع منسوبه في الدم، ويذكر أن هرمون الجلوكاجون Glucagon هو المسؤول عن هذه العملية في جسم الإنسان.
التعريف بمرض السكر:
يعرف مرض السكر على أنه ارتفاع نسبة السكر (الجلوكوز) في الدم فوق المعدل الطبيعي؛ حيث تتراوح الحدود الطبيعية للسكر في الدم من جلوكوز 70- 110 ملغم/ ديسيليتر.
نوعا مرض السكر وأسباب كل منهما:
مرض السكر نوعان هما:
السكري المعتمد على الأنسولين (سكري الشباب) أو ما يسمى بالنوع الأول من السكر: وتعزى الإصابة بهذا النوع من المرض إلى غياب هرمون الأنسولين، أو وجوده بكميات غير كافية بسبب عجز البنكرياس عن إفرازه، أو إفرازه بكميات قليلة.
ويعمل هرمون الأنسولين كمفتاح لقفل موجود على بوابات الخلايا؛ وحينما يفتح هذا (المفتاح) أو الأنسولين القفل فإن سكر الجلوكوز ينتقل إلى داخل الخلايا، كما يضطلع هرمون الأنسولين بدور هام في تخزين السكر الزائد في كبد الإنسان على شكل جلايكوجين.
السكري غير المعتمد على الأنسولين (سكري الكهول) ويسمى أيضا بالنوع الثاني من السكر، وهو الأكثر شيوعاً وينتج عن عدم قدرة الجسم على الاستفادة من الأنسولين من جهة، وعن عدم استجابة الخلايا لهرمون الأنسولين من جهة أخرى، وهو يحدث عادة بعد سن الأربعين، ويمكن علاجه بواسطة التمارين الرياضية والأدوية المخفضة للسكر الفموية (أي المأخوذة عن طريق الفم).
أعراض السكري وعلاماته:
تأتي الإصابة بمرض السكر من النوع الأول أو ما يسمى بسكر الأطفال بشكل حاد وفجائي، أما النوع الثاني من السكر والذي يصيب كبار السن فإنه يأتي بشكل بطيء وعلى فترة طويلة نسبيا من الزمن.
وبشكل عام فإن أهم أعراض الإصابة بمرض السكر ما يلي:
التعب، العطش الشديد، كثرة التبول، تنمل في اليدين والقدمين، حدوث نقصان في الوزن وتأخر التئام الجروح.
العوامل المساعدة على الإصابة بالسكري:
الاستعداد الخلقي والعوامل الوراثية.
البدانة وزيادة الوزن.
التقدم في العمر.
الانفعالات النفسية الحادة إن وجد الاستعداد للإصابة.
مضاعفات مرض السكر:
إن حدوث ارتفاع السكر البسيط في الدم لفترات محدودة من الزمن لا يعتبر أمرا خطيرا وهو يحدث لكل مرضى السكري، ولكن عندما يبقى مستوى السكر مرتفعا لفترات طويلة فإن ذلك يؤدي إلى حدوث مضاعفات لدى مريض السكر، حيث قد يؤدي عدم انتظام السكر في الدم وارتفاع نسبته فيه لفترات طويلة إلى تكون أوعية دموية ذات جدران ضعيفة، وعندما تكون هذه الأوعية في بعض الأعضاء كالعين والكلية فإن وظائفها تضطرب، وفي بعض الأحيان تنفجر هذه الأوعية محدثة نزيفا في العضو المصاب وتتبع ذلك مضاعفات منها:
اختلال البصر: يبدأ بعدم وضوح الرؤية وقد يصل إلى فقدان البصر بسبب إصابة الأوعية الدموية الموجودة في الشبكية.
اختلال عمل الكليتين: يبدأ بعدم قدرة الكليتين على تصفية الدم والتخلص من المواد الضارة والأملاح الزائدة، وقد يتطور الأمر إلى القصور الكلوي.
اعتلال الأعصاب: حيث قد يعاني المريض من تنمل في الأطراف وقد يتطور الأمر إلى فقدان الإحساس في الأقدام مما يؤدي إلى حدوث تقرحات قد تلتهب وتؤذي الأصابع والأطراف.
مضاعفات وأعراض في الشرايين؛ إذ أن هناك تلازماً مؤكدا بين السكر وتصلب الشرايين، وقد يعجل السكر بحدوث تصلب الشرايين بحيث تظهر أعراض خطيرة في سن مبكرة على غير العادة كالذبحة الصدرية أو الجلطة في الشريان التاجي أو حدوث تصلب في شرايين المخ أو الكلى، وكل هذه الأمور من الخطورة بمكان.
ويذكر أنه على الرغم من قسوة هذه الأعراض وخطورتها، إلا أن الالتزام بالعلاج السليم يقضي عليها تماماً.
العلاج:
مرض السكر مرض مزمن لا شفاء تام منه، إلا أنه يمكن منع حدوث مضاعفاته عن طريق الحفاظ على سكر الدم ضمن الحدود الطبيعية أو أقرب ما يمكن إلى الحدود الطبيعية، ومن أساسيات ضبط مرض السكر الالتزام بما يأتي:
الحمية الغذائية، الطعام الموصى به لمرضى السكري هو الطعام الصحي المتوازن الذي يحتوي على كميات محدودة من النشويات والسكريات، ويمكن لخبير التغذية المختص أن يساعد على تنظيم الحمية الغذائية لكل مريض بما يتناسب مع حالته المرضية.
وأهم النصائح التي يمكن تقديمها لمريض السكر في هذا المجال ما يلي:
ضرورة تناول 3-5 وجبات متوازنة وصغيرة بدل تناول وجبة واحدة كبيرة.
ضرورة تناول الأطعمة الغنية بالألياف الطبيعية مثل الخضار والفواكه والخبز المحتوي على النخالة.
ضرورة الحفاظ على الوزن ضمن المستويات الطبيعية.
ممارسة التمارين الرياضية: تساعد الرياضة على هبوط السكر في الدم والمحافظة على الوزن المناسب، وأهم أنواع الرياضة التي يمكن أن يمارسها مريض السكري: المشي، الهرولة، ركوب الدراجة والسباحة.
المعالجة بالأدوية: يقرر الطبيب نوع الدواء حسب كل حالة؛ فقد يصف الطبيب الأنسولين الذي يعطى بالحقن تحت الجلد أو قد يصف خافضات السكر الفموية، وعادة ما يعطى الأنسولين للمصابين بمرض السكر من النوع الأول منذ تشخيص المرض لديهم، أما مرضى النوع الثاني من السكر فإنه لا يعطى الأنسولين إلا كملاذ أخير بعد استنفاد الطرق الأخرى، والتي أهمها الحمية الغذائية وممارسة التمارين الرياضية واستعمال خافضات السكر الفموية.