أصبحت رعاية كبار السن تُشكل تحدياً لكل الدول العربية بحكم التحولات الديموغرافية والاجتماعية المتمثلة على الخصوص في اتساع قاعدة الشيخوخة، وتغير أنماط الحياة الأسرية التي أصبحت تقتصرر على العائلة الصغيرة في المدينة بدل العيش ضمن الأسر المتعددة الأفراد والأجيال في البوادي والأرياف.
وفي ظل هذه التحولات، تغيرت وضعية كبار السن في كثير من المجتمعات العربية والإسلامية، وأثارت تحديات جديدة أمام الأسرة والمجتمعات والدول، فأصبح هذا الموضوع مثار اهتمام هذه المجموعات، ومحور برامج إعلامية ومنتديات للنقاش ومؤتمرات للحكومات العربية مثل المؤتمر العربي الذي نظمته وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية بالمغرب في أكتوبر الماضي، بتعاون مع جامعة الدول العربية، حول موضوع”كبار السن بين الرعاية الأسرية والمؤسسية”.
وقد شكل هذا اللقاء فرصة للمسؤولين الحكوميين والخبراء الاجتماعيين فرصة لتدارس مختلف القضايا التي تهم رعاية وحماية كبار السن في العالم العربي في ظل المتغيرات والتحديات التي يعرفها العالم، وتبادل التجارب العربية لتطوير الرعاية بين المسؤولية المجتمعية والأسرية والمؤسسية، وما تستلزمه من وضع لسياسات وبرامج وخطط لحماية فئة المسنين والعمل على خلق مجتمع عربي يتسع لجميع الأعمار.
ومن جملة التحديات التي شغلت المؤتمرين في هذا الموضوع، واقع ومشكلات كبار السن بالدول العربية في ضوء المتغيرات الديموغرافية، وكبار السن بين الرعاية الأسرية والمؤسسية في ضوء التحولات الاقتصادية والاجتماعية والقيمية في الوطن العربي، والحماية القانونية لكبار السن واستشراف مستقبلهم الحقوقي في التشريعات العربية، و الصحة النفسية لكبار السن، والاتجاهات العلمية الحديثة في رعاية كبار السن في التجارب الدولية.
ويبدو أن التحولات الاجتماعية في الوطن العربي دفعت المؤتمرين إلى التأكيد على أن رعاية كبار السن لم تعد تقتصر على الأسرة وحدها في ظل أوضاعها الحالية، وإنما هي مسؤولية مجتمعية تضامنية مشتركة بين الأسر والقطاعات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص.
وإلى جانب الرعاية، تشكل حماية كبار السن من عوادي الزمن تحدياً لكل الدول العربية أيضا، ولذلك يرى خبراء ضرورة العمل على تكريس مبدأ اعتماد المسن على نفسه وعيشه في محيطه الأسري، وذلك بتثقيفه وتدريبه على متطلبات الصحة الوقائية والعناية الشخصية والعادات الغذائية السليمة والتفاعل الاجتماعي، وإيلاء ذلك أولوية أساسية في سياسات وخطط الدول العربية لرعاية ومشاركة وتمكين كبار السن.
المصدر : لبيب