المدينة الرقمية لكبار السن في الدول العربية

رعاية كبار السن والشيوخ في الاسلام

جاء ذكر الشيخوخة باعتباره اخر ايام العمر في القران الكريم في عدد من ايات منها قوله تعالى:
(ومنكم من يرد الى ارذل العمر لكي لا يعلم من بعد علم شيئا)
سورة الحج: اية 5.
وفي سورة اخرى جاء وصف الشيخوخة وصفا رائعا في هذه المناجاة بين الله سبحانه وتعالى وزكريا عليه السلام يسال فيها الله ان يهب له وليا ويرث ال يعقوب، خاصة وقد بلغ سن الشيخوخة وكانت امراته عاقرا، تظهر بعض الصور اللغوية الجميلة التي تصف مرحلة الشيخوخة فقد قال تعالى.
(قال رب اني وهن العظم مني واشتعل الراس شيبا ولم اكن بدعائك رب شقيا* واني خفت الموالي من ورائي وكانت امراتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من ال يعقوب واجعله رب رضيا* يا زكريا انّا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا* قال رب انى يكون لي غلام وكانت امراتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا)
سورة مريم: اية 4-7.
وذكرت الشيخوخة في القران الكريم على انها نهاية مطاف الانسان في مرحلة تطوره على هذه الارض تمهيدا لرحلته الابدية الى العالم الاخر حيث قال تعالى: 
(الله خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير) سورة الروم: اية 54.
فالانسان يبدا من ضعف ثم ينمو ويشتد عوده ويقوى ثم يعود الى اصله بعد ان يبلغ ارذل العمر الى حالة من الضعف وبعد ان يصل الى نهاية ايامه على هذه الارض.
(والاسلام ولاشك دين انساني، يحترم الانسان ويصون كرامته كبيرا وصغيرا. ولقد كرم الله بني ادم وجعله خليفته في الارض لعمارتها. وحرص الاسلام على تنظيم العلاقات الاسرية والاجتماعية على اساس من العدل والمساواة والتعاون والاخاء والحرمة والمحبة والمودة والسكينة والعطف والتضامن والتساند والتكافل والوحدة والاتحاد.
واذا كان الاسلام قد حرص على صون كرامة الانسان في كل مراحل عمره، فقد عني عناية خاصة بتوقير الكبار واحترامهم والعطف عليهم والاحسان اليهم وخاصة الوالدين) (1).
فقد حث الاسلام الانسان على بر الوالدين والاحسان اليهما في كل مراحل العمر وضرورة رعايتهم خاصة عندما يكبرون، حيث يصبحون اكثر حاجة للرعاية والعناية والشعور بالطمانينة والامن بعد ان ادوا الرسالة تجاه ابنائهم واوطانهم.
يقول سبحانه وتعالى: (ووصينا الانسان بوالديه احسانا)
سورة العنكبوت: اية 8.
ويقول جل جلاله في اية اخرى: (وقضى ربك ان لا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا* اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) سورة الاسراء: اية 23.
(ولم تنه الاية الكريمة الانسان عن ان ينهر والديه او يؤذي شعورهما بالقول الخشن او التعبير عن التبرم من باب الاحترام والتوقير فحسب، فذلك مطلوب سواء كان الوالدان في حال قوتهما او ضعفهما، ولكنه نهي يحمل في جوهره تقديرا الهيا لطبيعة الحالة النفسية التي يكون عليها المرء حين يكبر وتهن قوته ويضعف).
(ثم يمضي الامر الالهي يقول (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة، وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) فتدعو الى الدرجة العليا من الرحمة بالوالدين الكبيرين بحيث يشعر الولد والبنت والديهما بعمق ما يشعران به من رحمة بالوالدين واجلال لهما. ولان الانسان مهما بلغ من العطف والتراحم تظل قدرته قاصرة عن الوفاء بحق والديه. لذلك فهو يلجا الى من لا تنفذ ينابيع رحمته، داعيا اياه ان يجزيهما الجزاء الاوفى، لقاء رحمتهما به وتربيتهما اياه في صغره، ولا يقتصر الارشاد القراني للابناء في تعاملهم مع الاباء كبار السن على النهي عن خشونة القول وانما ينتقل الى الامر باحسان القول، وتحري الكريم من الالفاظ في مخاطبتهما، مراعاة لشعورهما واعزازا لهما.
وترتقي ايات الكتاب العزيز الى صعيد اعلى في موضوع بر الوالدين، حتى عند اختلاف الدين، واتخاذهما موقفا يحاولان فيه حمل ابنهما على الشرك بالله، فيقول الله تعالى:
(وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما، وصاحبهما في الدنيا معروفا)

سورة لقمان: اية 15.
ان المعروف يشمل كل انواع البر، والمصاحبة بالمعروف تعني ان يكون الصاحب سندا لمن يصاحبه في كل دقائق الحياة وان يراعي الله فيما يقدمه له) (3).
ولصلة الارحام مكانة خاصة في الاسلام لما فيها من توثيق للروابط وحماية للاسرة ومساندة للضعفاء، فعن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:
(من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت) رواه البخاري.
ومن النماذج الحية على توقير الكبار في السن واحترامهم في الاسلام اعطاء كبير السن افضلية في امامة المسلمين في حالة التساوي في حفظ القران وقراءته والعلم بالسنة، وكذلك اعطاء الكبير حق الكلام قبل الصغير في المجالس، وبشكل عام وجوب اجلاله كما جاء في اقواله صلى الله عليه وسلم البليغة يقول صلى الله عليه وسلم: (ان من اجلال الله تعالى اكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القران غير الغالي فيه والجافي عنه واكرام ذي السلطان المقسط) رواه ابو داود.
وعنه صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا) رواه الترمذي.
ومن اقواله صلى الله عليه وسلم: (ما اكرم شاب شيخا لسنه الا قيض الله له من يكرمه عند سنه) رواه الترمذي وقال حديث غريب.
واخيرا حثه صلى الله عليه وسلم للشباب على بر اصدقاء ابيه واقاربه يقول صلى الله عليه وسلم (ان ابر البر ان يصل الرجل ود ابيه) رواه مسلم.
(وللمسن نفسه دور في التهيؤ لمرحلة الشيخوخة وتخفيف حدة الاعراض المصاحبة لها قال صلى الله عليه وسلم: (خذ من شبابك لهرمك ومن صحتك لمرضك). وهذا يعني ان يعد المرء العدة المناسبة ليعيش صحيحا معافى في الكبر بان يحافظ على صحته في شبابه ويرعاها ويجنبها ما يضرها من عادات مذمومة كالتدخين وتعاطي الخمر وسائر اشكال الادمان، وان يحافظ على نشاطه بمداومة الحركة المفيدة- كالمداومة على الصلاة في المساجد- وممارسة الرياضة، واحداث التوازن المنشود بين اوقات العمل والراحة، بحيث لا يركن الى الكسل والاسترخاء اغلب الوقت، ولا يهلك جسده في عمل متواصل واجهاد دائم، وان يتحرى التغذية الجيدة التي تمد جسمه بما يحتاج دون افراط او نقصان)4.
وعندما يصبح الشيخ ضعيفا عاجزا فان زوجته اولى الناس برعايته فهي السكن وهي التي جعل الله في قلبها وفي قلبه المودة والرحمن المتبادلة وانى لها ان تتركه في شيخوخته هي نعم القرين عليها واجب نظافته واطعامه وعليها واجب الصبر ان بدا منه ما تكره فللشيخوخة في الاسلام حرمتها. وكلما طال امد رعايتها ازداد رصيدها في الاخرة وعلت منزلتها باذن الله.
وبعد الزوجة حق الشيخ العاجز على اولاده (وطبعا احفاده من الاولاد) وقد ذكرنا حق الوالدين على الاولاد ولا داعي لتكرار ذلك.
ومع الاولاد او بعدهم يكون حق الشيخ على باقي اقاربه كالاخوة والاصهار، واولاد العم والخال وغيرهم من الارحام.
واخيرا وبعد الاقارب يكون حق الشيخ على الجار واهل المحلة الذين تعودوا رؤية بعضهم البعض في اوقات الصلاة في الجامع.

اضغط للوصول الى : المصدر

مشاركة

بيانات الاتصال

اتصل بنا

97333521334+

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لـ المدينة الرقمية لكبار السن في الدول العربية© 2022