فك الله كرب وحصار سوريا وسائر بلاد المسلمين ففى العهد القريب كانت لا تكاد تخلو قرية من قرى منطقة معرة النعمان من اجتماع الأصدقاء وخاصة كبار السن منهم الذين ما أن يصبح الجو لطيفاً عند المساء، حتى يتسابقوا للاجتماع ولعب المنقلة، والمنقلة لعبة قديمة.
وربما كانت ذات جذور هندية، وهي شبيهة بالشطرنج من حيث إعمال الفكر، هذا ما يراه الأستاذ (وليد مطر) رئيس بلدية قرية معصران الواقعة إلى الشمال الشرقي من معرة النعمان بحوالي خمسة عشر كيلومتر تقريباً، واللافت في هذه القرية كثرة اللاعبين بها كما هو الحال في العديد من بلدات وقرى المنطقة، وهذه اللعبة عبارة عن أربعة عشر جرناً محفوراً في الصخر أو في الخشب، ويوضع في كل جرن (سبع حصوات) ليصبح المجموع (49حصوة) من الحصى البحرية المنتقاة لهذه اللعبة وللمنقلة طريقتان في اللعب واحدة تسمى (المجنونة)، ويلعبها الأطفال والمبتدئين وتعتمد على تدوير الحصى من جرن إلى آخر حتى يصبح في الجرن الأخير حصوتان أو أربع حصوات فيأخذ اللاعب ما يوجد في الجرن المقابل له وتعتمد طريقة تدوير الحصى عكس عقارب الساعة حيث يحمل اللاعب كلّ الحصى من الجرن الأول ويضع في كل جرن حصوة حتى ينتهي ويقوم بأخذ حصوات الجرن الأخير ويعدّها فإن بقيت حصوة واحدة يتوقف عن العد أما إذا كانت ثلاثة أو أكثر فيقوم بعدّها وفي حال كانت مفردة وتسمى (قرعة) يوقف العد ويبدأ خصمه باللعب.
وأما اللعبة الثانية فتسمى (العاقلة) وهي تعتمد على إعمال الفكر وهي الشائعة بين الكهول ولأنها كذلك سميت بالعاقلة. أبو حمدو يومياً تقوم زوجته بكنس (المسطبة) ورش الماء حولها لترطيب المكان وتلطيف الجو، ثم تفرش حصير القش لزوجها، وكعادته كما يقول يطلب الشاي الثقيل ليحتسيه مع أبي عبد الناصر وأبي مصطفى الذين اعتادا على مجالسته يومياً للعب المنقلة، ولأن أبا عبد الناصر لايشبع من الخسارات يعيد الكّرة كلّ يوم على أمل أن يكسر عزيمة أبي حمدو (لكن فشر ما بيقدر) فيجيبه أبو عبد الناصر ( لكا فرجينا شطارتك اليوم).
لعبة المنقلة ليست سوى تسلية لتضييع الوقت والاجتماع بالأصدقاء كما يقول أبو مصطفى وقد اعتاد على لعبها منذ سنوات عدّة وهي من الألعاب القديمة في قرية كنصفرة المتاخمة لاحسم، واللاعبون بها أغلبهم (من الختيارية) والكلام لأبي مصطفى الذي جاء دوره ليأخذ مكان أبي عبد الناصر كالعادة بعد خسارته من قبل أبي حمدو.