المدينة الرقمية لكبار السن في الدول العربية

الأردن .. قضايا كبار السن أولوية من الاولويات الوطنية

وضع تقرير جديد لمنظمة المجتمع المدني حول أفضل الأماكن لإمضاء كبار السن سنواتهم الأخيرة وشمل 96 دولة تضم 91 في المائة من سكان العالم، الاردن في المرتبة 85 من بين 96 دولة شملها التقرير، فيما شرع الدستور الاردني قانونا 5 والمادة 6 من الدستور الاردني وتعديلاته لعام 2011، والتي نصت على « يحمي القانون الأمومة والطفولة والشيخوخة ويرعى النشئ وذوي الإعاقات ويحميهم من الإساءة والإستغلال».

وحسب الاستراتيجية الوطنية لكبار السن في الاردن والتي أعدهاا المجلس الوطني لشؤون الاسرة فقد اعتمدت من هم في العمرالـ 60 سنة فأكثر لتعريف كبار السن في الاردن، وتعتبر القضايا التي تخص كبار السن أولوية من الاولويات الوطنية التي أولاها صاحبا الجلالة الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا العبدالله، للمسنين فقد شملت المكرمات الملكية للمسنين بتأمينهم صحيا بحيث اصبحوا يتلقون العلاج المجاني في الوحدات الصحية المختصة في وزارة الصحة او غيرها من المؤسسات مقدمة الخدمات الصحية، ويعقب ذلك الزيارات المستمرة لدور رعاية المسنين من قبل صاحبي الجلالة والاطمئنان على اوضاعهما بشكل مستمر وتقديم الدعم لمؤسسات الرعاية الخاصة بهم، كذلك ضرورة التركيز على تغيير صورة كبار السن في مجتمعنا باعتبارهم خبراء في مجالات الحياة.

 

تحديات غير مسبوقة

اما أستاذ القانون التجاري المشارك بجامعة ال البيت المحامي الدكتور عبدالله السوفاني فعلق على الامر بالقول، تزداد نسبة ما يشكله كبار السن في كل مكان تقريبا، الأمر الذي يؤدي الى تحديات غير مسبوقة تتعلق بالنمو الاقتصادي والرعاية الصحية والضمان الاجتماعي، ووضعنا في الأردن يتماشى مع الاتجاه عالميا اذ أن نسبة السكان فوق ال 60 ستصل بحلول 2030 حسب السيناريوهات الثلاث ستصل الى 6,7% , 7,5%, 8% مقارنة ب 5,2% حاليا والرسالة الأخيرة تتعلق بتحول عالمنا الى المدن أو الحضر، وكذلك هو الحال بالنسبه لمعدل المشاركه الاقتصاديه الخام 9,5% للنساء مقابل 40,9% للرجال ومعدل المشاركة الاقتصادية المنقح 14,9% للنساء مقابل 64,8% للنساء لذلك يجب الاستثمار في زيادة مشاركة المرأه اقتصاديا.

ونوه السوفاني بانه لا يمكن الحديث عن التنمية الشاملة بمعزل عن السكان وخصائصهم السكانية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية والتي بدورها تعكس مدى قدرة النمو والتنمية على رفع مستوى معيشة الفرد وتحسين نوعية الحياة له والتصدي لتحديات الفقر والبطالة وبالرغم من النمو الاقتصادي الذي تحقق في الاردن خلال الفترة الماضية فان هذا النمو لم يترجم بدرجة كافية الى تنمية فنجد مثلا ان هنالك اختلالات وتحديات مزمنة حيث ان نسب الفقر والبطالة ما زالت تراوح مكانها – هذا بالاضافة الى ضعف مشاركة المرأة الاقتصادية في سوق العمل المنظم وغير المنظم وتصبح هذه التحديات اكثر حدة في ظل التركيبة العمرية للسكان.

جهد مؤسسي

اما الدكتورة جمان الدهامشه الباحثة في علم الاجتماع علقت على الامر بالقول، للعلم يواجه الإنسان عند التقدم في العمر من مشاكل فسيولوجية تتمثل بتراجع قددراته العقلية والبدنية مما يتطلب الحاجة الملحة للعناية بشؤونه النفسية والصحية والاجتماعية وتوفير ومستلزماته المالية للقيام على احتياجاته اليومية حتى البسيطة منها وهذه الرعاية تحتاج جهد مؤسسي ومعرفة وتدريب إلى حد ما للتعرف عن قرب على كيفية التعامل مع المسن بطريقه صحية لتلبية احتياجاته وفهم مرضه إن وجد وأعراضه والتغيرات التي تظهر ربما بشكل يومي على تصرفاته وقدراته وتزيد حاجة المسن إلى الرعاية والاعتماد على الآخرين كلما تقدم به العمر مع الوقت.

ونوهت الدهامشه بما أن المسنين في حاجة إلى الرعاية الاجتماعية والنفسية اللازمة، ومن حقهم على المجتمع ان يوفيهم حقهم لأنهم الآباء الذين تحملوا الكثير من أجل الأبناء ويقع على كاهل الدولة مسؤولية كبيرة لتوفير الحماية والأمان الاجتماعي لهؤلاء المسنون كاستثمار مهم وضروري في أبسط حقوق الإنسان لحفظ حقه في حياة كريمة وهذا يتطلب أيضا متابعة دمج خدمات رعاية المسنين في خدمات الرعاية الصحية الأولية لضمان حصولهم على الرعاية الصحية الاولية، كما يقع على عاتق المجتمع دور هام جدا في توفير الضمان الاجتماعي من علاج وأدوية بما يضمن الحفاظ علي صحتهم و المجتمع له دور كبير في جعل المسن في حالة رضا و راحة نفسية، فمثلًا على المجتمع أن يكرم كبار السن الذين خدموا المجتمع، وتوفير المعاش الذي يستحقونه، أو أن يتبنوا برامج التوعية الأسرية التي تدور حول التعايش مع كبار السن بالإضافة إلى ان للإعلام دور في إبراز المشاكل التي يعاني منها المسنين بالإضافة لدوره في حشد التأييد لعلاج هذه المشكلات وتعزيز مكانة كبار السن في المجتمع واستثمار خبراتهم الحياتية.

ولفت الدهامشه الى إن التزايد في أعداد كبار السن في العالم والتي تقدر بنحو ستمائة مليون مسن بلغوا الخامسة والستون والمتوقع أن يصل إلى المليارين في عام 2050 تتطلب رسم سياسات ووضع الخطط لتوفير الاحتياجات والتوعية والوقاية والتأهيل «صحيا ونفسيا واجتماعيا» ومما يزيد من حدة مشاكل الشيخوخة هو هدر الطاقات الخيالية الموجودة لدى كبار السن والتي للأسف نتجاهلها بإحالة أصحابها على التقاعد متصورين أن احالتهم للتقاعد يعني حرمانهم من كل حق للاستمتاع بالحياة والعطاء فقط لأنهم وصلوا لسن الستين ، لذا يجب علينا أن ندرك ونؤمن قبل كل شيء بأن الاستمتاع بالحياة حق للجميع بغض النظر عن العمر والتصنيف، أضف إلى ذلك أن الحياة لا تنتهي عند سن معينة بل إنه من حقنا كبشر أن نستمر في الاستمتاع بحياتنا في أي وقت و بأي عمر حتى أننا أحيانا قد نحقق في عمرنا المتقدم ما عجزنا عن تحقيقه في شبابنا، ومما يجب ان نأخذ به في عين الاعتبار أن الشباب و الحيوية لا تقاس بالعمر بل تقاس بالقدرة على العطاء و البنا.

مفاهيم خاطئة

بدورها تشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني «تضامن» الى أن التقرير العالمي حول «التشيخ والصحة» والصادر عن منظمة الصحة العالمية عام 2015، يؤكد على أن التصورات والإفتراضات الشائعة حول كبار السن ذكوراً وإناثاً ترتكز على معتقدات نمطية بالية، مدعومة بعدة مفاهيم خاطئة حول المسنين لا بد من تجاوزها لغايات تطوير إستجابات شاملة لشيخوخة السكان.

وتضيف المنظمة في تقريرها على أنه لا يوجد شيء إسمه «مسن نموذجي»، فبعض المسنين يتمتعون بقدرات بدنية أفضل ممن هم في سن العشرين، لذا لا بد من كسر المعيقات التي تحد من المشاركة الإجتماعية للمسنين ومساهماتهم في مجالات تخصصاتهم المتنوعة.

النساء اكثر تهميشا

وتشدد «تضامن» على أن النساء كبيرات السن يتعرضن أكثر من الرجال إلى العنف والتهميش والإساءة نظراً للتمييز السائد ضد النساء ولقلة مواردهن المالية وضعف مكانتهن في الأسرة والمجتمع كما أن كبار السن رجالاً ونساءاً يستحقون التمتع بشيخوخة آمنة مستقرة من خلال تقديم المزيد من الخدمات الصحية والتقاعدية والإيوائية، وأنه لا بد من مجابهة كافة أشكال العنف الذي يتعرضون له فإذا كان عالمنا يتجه نحو إطالة عمر الإنسان، فلا بد وأن يترافق ذلك مع إحترام كامل لكرامة وحقوق كبار السن الإنسانية، كما لا بد من التعامل معهم كمصدر للخبرة والمعرفة التي تتناقلها الأجيال، وأن المستقبل الذي نريد عام 2030 هو المستقبل الذي تراعى فيه أولويات كبار السن بشكل عام وكبيرات السن بشكل خاص ويعاني العديد من كبار السن في الأردن من مشكلات وإنتهاكات متعددة وعلى رأسها العنف الأسري والفقر بما فيه التخلي عن الرعاية والإيواء وعدم تمتع نصفهم بأي مظلة للتأمين الصحي، مما يؤثر على صحتهم وحالتهم النفسية وعلى إمكانيات المساهمة في صياغة مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم إذ على الرغم من التقدم الكبير الذي أحرزه الأردن في مجال رعاية كبار السن إلا أن ذلك لم يمنع إستمرار معاناة الكثيرين منهم خاصة في المناطق الحضرية.

المصدر : الدستور

مشاركة

جميع الحقوق محفوظة لـ المدينة الرقمية لكبار السن في الدول العربية© 2022