حين تطال يد الزمن كبار السن تاركة آثارها النفسية والجسدية، ويصبحون حساسين من أي كلمة تقال، في هذه المرحلة هم يحتاجون إلى رعاية خاصة واهتمام كبير، وحنان، فيغدون كالأطفال، يشبهونهم في كثير من الحالات، كما يقول المختص الاجتماعي د.جاسم المطوع: “تفرحهم الهدية وتؤثر بهم، وتجرحهم الكلمة، وسرعان ما تخونهم دمعتهم فتكون سريعة النزول، يحبون الحلويات والنوم المبكر، والمزاح والضحك”، لذلك هم يحبون من يتعامل معهم بحب وحنان، هؤلاء الذين يتفهمون غضبهم ويشعرونهم بالراحة والأمان.
بركة الدار
تقول أم وائل المهادي (38 عامًا): “والدة زوجي بعد وفاة “حماي” استقرت معنا في البيت، لشعورها أنها قريبة من زوجي أكثر من أبنائها الباقين، ولكن دائمًا تعتقد بأنها ثقيلة ظل علينا، ولكني دائمًا أشعرها بعكس ذلك، وأن وجودها معنا في البيت بركة ورضا من الله”.
وأضافت: “كما أحاول ألا نتركها فترات طويلة بمفردها، بل نتواجد معها ونكون بقربها، وأحيانًا أحضر لها بعض الحلويات أو الوجبات المفضلة، فهذا يجعلها تشعر بالفرح والسعادة، فالمعاملة الطيبة أهم شيء في التعامل مع كبار السن ومعرفة كل ما يحبونه، والابتعاد عما يسبب لهم الإزعاج”.
وأوضحت المهادي أنهم في هذه المرحلة يحتاجون لرعاية واهتمام كالأطفال تمامًا، مع إتاحة الفرصة لهم باستمرار لمشاركتهم في الحياة، وأن يستشاروا في بعض المسائل، والأخذ بنصيحتهم ليشعروا بأهمية رأيهم.
أما الشاب أحمد عمار (25 عامًا) فيذكر موقفاً بسيطاً استثار غضب جديه، ذلك أنه كان يجلس مع ابن عمه، ويتحدث بصوت منخفض عن موضوع له علاقة بكليهما، إلا أن ذلك لم يعجب جديه، واعتقدا أنهما يتحدثان عنهما، فهذا موقف يجب قدر الإمكان تجنبه.
قواسم التشابه
بدوره، قال الأخصائي النفسي والتربوي إسماعيل أبو ركاب لـــ”فلسطين”: “بلا شك أن كبار السن لهم خصوصية في التعامل لعدة اعتبارات، أولها شعورهم بأنهم قد ضحوا وقدموا لأجل الآخرين وخصوصًا الأبناء، وثانيها أنهم أصحاب خبرة تعلموها من خلال خوضهم لمعترك الحياة، وثالثها أن طبيعة المزاج عندهم قد تغيرت بسبب تقدم العمر وشعورهم بالوحدة، وشعورهم الدائم أن ما يقدمه الآخرون أقل من المتوقع مقابل تضحياتهم”.
وأضاف: “فعلًا هناك وجه شبه بين كبار السن والأطفال، وهذه قاعدة علمية أصلها أن الإنسان في بداية حياته ونهايتها تتشابهان، فالهدية تشعرهم بأن الآخرين ما زالوا يكنون لهم الاحترام والحب، فهم يحبون كل شيء يمكن أن يذكرهم بالطفولة كأكلهم للحلويات”.
وأوضح أبو ركاب أن هذا الاحتياج لا شعوري، ويعد من مكينزمات الدفاع النفسية عند كبير السن الذي تتم من خلاله إعادة التوازن النفسي.
وأشار إلى أن النوم المبكر لكبار السن هو احتياج جسمي يتوافق مع طبيعة المرحلة العمرية، وهم بذلك يتشابهون مع الأطفال في عدد الساعات التي يحتاجها الجسم ليتم التوازن الطبيعي لهم، كما أن المزاح والضحك هما احتياج عاطفي وإنساني يشعر كبير السن بأنه ما زال مرغوبا ومقبولا لدى الآخرين، ولكن الاختلاف البسيط أن المزاح والضحك عند كبار السن الهدف منهما هو اختبار قدرتهم على التكيف مع المواقف والأشخاص بما لا يتعارض مع خبراتهم الحياتية.
وتابع حديثه: “يجب على من يتعامل مع كبار السن أن ينتقي بعناية الكلمات والألفاظ وأن يراعي أن حساسيتهم عالية جدًا، لذلك يجب إشعارهم بالاحترام والتقبل من خلال الاستماع لهم، وعدم مقاطعتهم، حتى لا يتم إشعارهم بأن ما يقولونه ليس له قيمة، فهذا يزيد من ثقتهم بأنفسهم، ويقلل من قلق المستقبل”.
وختم أبو ركاب حديثه: “كما يجب ألا يتم التدخل في خصوصياتهم، لأنهم يعدون أن لديهم من الخبرة ما يكفي للتعامل مع الأمور بحكمة، فكبير السن بحاجة لأن يشعر بأنه في المقدمة، وأنه شخص له تقديره واحترامه، لذا لنكن قريبين منهم بعواطفنا وأفكارنا قبل أجسادنا”.