فوجئت قبل عدة أيام بحالة سيدة أعرفها مصابة بمرض السرطان، وقد قامت بتقديم أوراق طلب العلاج إلى أحد المستشفيات المتخصصة بالرياض وتم رفض علاجها. كنت أعتقد أن كل مصاب بهذا المرض له أحقية العلاج. والمفاجأة الأكبر أن الحكومة لم تقصر أبداً في وضع كافة التسهيلات والإمكانيات لمرضى السرطان، وكذلك وزارة الصحة التي وضعت برنامج الإحالة الإلكتروني، ومع ذلك لا يتم قبول جميع المرضى إنما عدد معين وبمواصفات محددة، حيث يكون قبول المريض غالباً حسب الشروط القابل للشفاء بسرعة وذوي الأعمار الصغيرة، فماذا يفعل كبار السن المصابون بالسرطان وهم النسبة الأعلى؟ وما ذا يفعل من تفشّى فيهم المرض؟ هل يموتون إن لم تكن لديهم إمكانيات العلاج على حسابهم؟ ولنفرض لديهم الإمكانيات المادية، لماذا لا يتم علاجهم على حساب الحكومة التي لم تبخل عليهم؟
لا بد من التأكيد أن هناك جهوداً قوية في مجال مكافحة أمراض السرطان، لكن أيضاً هناك تزايد كبير في الإصابة بهذا المرض اللعين، حيث إن المصابين به اليوم وصلوا إلى ما يزيد عن 14 مليون حول العالم، وبحلول عام 2030 سوف يزيد عدد المصابين به على 21 مليون مريض، بحسب منظمة الصحة العالمية. وفي السعودية أعلن السجل الوطني للأورام التابع للمجلس الصحي السعودية أن عدد الإصابات السنوية تزيد عن 16 ألف حالة، عدد كبير ومقلق وقوائم انتظار طويلة هذا إن لم يتم رفض الحالة بتاتاً كما حصل مع السيدة التي ذكرتها أعلاه!
هذه الأعداد الكبيرة والمتزايدة بحاجة إلى خطة إنقاذ عاجلة، ووضع حلول وخطط بديلة للمرضى الذي يكون من الصعب قبولهم إما لأسباب صحية أو لعدم توفر سرير، في أن يتم ترتيب علاجهم في الخارج بطريقة آلية وبشكل مباشر دون البحث عمَّن يساعدهم في الحصول على علاج، تكون هناك مكاتب في المستشفيات المتخصصة عملها هو ترتيب إجراءات نقل المرضى إلى الخارج، والتذكير دوماً بأن مثل هذه الأمراض عامل الوقت فيها مهم جداً حتى لا تصل حالة المريض إلى اليأس من العلاج.
هناك أمر مهم جداً التطرق إليه، وهو لا يخص مرضى السرطان وحدهم، بل المرضى بشكل عام، وهو عمر المريض؛ فهناك ملاحظة بحثت واستقصيت عنها بنفسي وهي سن المريض ومدى الاهتمام به، فكبار السن من المرضى لا يحظون بنفس الرعاية والاهتمام التي يحظى بها الأصغر سناً في بعض القطاعات الصحية، وكأن هناك خط فكري منتشر في القطاع الصحي بأن كبير السن لا تحق له الحياة، هذه الفكرة لم أرَ من يناقشها بصدق، وهي مخيفة ومرعبة إن كان الطبيب نفسه يحمل هذه النظرة! أعتقد أن من البرامج الوقائية التي تعمل جاهدة عليها وزارة الصحة في كافة الجهات أن تضع حملة توعوية داخل المستشفيات بأن كبار السن لهم نفس حق العلاج، من هنا ستتغيَّر أمور كثيرة بما فيها مقاييس رفض أو قبول المرضى!