في مرحلة سن اليأس، يمر جسم المرأة بتغيرات هرمونية وجسدية عديدة قد تؤثر على صحتها العامة، وأحد أبرز التحديات في هذه المرحلة هو الحفاظ على صحة العظام. ومع انخفاض مستويات الإستروجين بعد انقطاع الطمث، تصبح النساء أكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام والكسور. ومن هنا تبرز أهمية مكملات الكالسيوم وفيتامين د كوسيلة فعالة لدعم صحة العظام وتعويض النقص الغذائي المحتمل الناتج عن التغيرات الهرمونية والعمرية.
يلعب الكالسيوم دورًا أساسيًا في بناء العظام والأسنان والحفاظ على قوتها، بينما يساعد فيتامين د في تعزيز امتصاص الكالسيوم من الجهاز الهضمي، ما يجعلهما ثنائيًا لا غنى عنه في فترة سن اليأس. ولكن، مع تنوع المكملات المتوفرة في الأسواق واختلاف الجرعات والاحتياجات الفردية، قد تجد كثير من النساء أنفسهن في حيرة بشأن ما إذا كنّ بحاجة فعلية إلى هذه المكملات، وما هي الكمية المناسبة، وهل هناك مخاطر محتملة لاستخدامها؟
في هذا الدليل الشامل، نستعرض دور مكملات الكالسيوم وفيتامين د في دعم صحة المرأة في سن اليأس، ونوضح متى تكون هذه المكملات ضرورية، وما هي الجرعات الموصى بها، بالإضافة إلى نصائح مهمة لاختيار المنتج المناسب، وذلك بناءً على أحدث التوصيات الطبية والدراسات العلمية.
لماذا تعتبر مكملات الكالسيوم وفيتامين د ضرورية في سن اليأس؟
1. ضعف الامتصاص الغذائي
مع التقدم في العمر، يقل امتصاص الكالسيوم من الجهاز الهضمي، حتى وإن كانت المرأة تتناول كميات كافية من الأطعمة الغنية به. كما يقل تعرض الجسم لأشعة الشمس، مما يحد من إنتاج فيتامين د.
2. زيادة خطر هشاشة العظام
تُظهر الإحصاءات أن النساء بعد سن اليأس أكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام بنسبة تصل إلى أربعة أضعاف مقارنة بالرجال. وهذا يجعل الاعتماد على مكملات الكالسيوم وفيتامين د خطوة وقائية أساسية.
3. دعم صحة العضلات والمناعة
إلى جانب دوره في بناء العظام، يُسهم فيتامين د في دعم وظيفة العضلات والجهاز المناعي، وهما عاملان يكتسبان أهمية مضاعفة مع التقدم في العمر.
ما هو سن اليأس؟ ولماذا يتأثر العظام خلاله؟
سن اليأس هو المرحلة التي تنقطع فيها الدورة الشهرية بشكل نهائي، ويحدث ذلك غالبًا بين سن 45 و55 عامًا. هذه المرحلة تمثل نهاية فترة الخصوبة لدى المرأة، ويصاحبها انخفاض تدريجي في إنتاج هرموني الإستروجين والبروجستيرون.
الإستروجين لا يلعب فقط دورًا في تنظيم الدورة الشهرية، بل يشارك أيضًا في تنظيم عملية بناء العظام. عندما تنخفض مستوياته، تصبح العظام أكثر عرضة للهشاشة والضعف بسبب انخفاض الكتلة العظمية وتسارع عملية تكسير العظام مقارنة ببنائها. لذلك، يعتبر الحفاظ على مستوى جيد من الكالسيوم وفيتامين د أمرًا حيويًا للوقاية من المضاعفات الهيكلية والعظمية في هذه المرحلة.
ما الفرق بين الكالسيوم وفيتامين د؟ وكيف يعملا معًا؟
-
الكالسيوم: عنصر معدني أساسي لتكوين العظام والأسنان. يُخزن حوالي 99% من الكالسيوم الموجود في الجسم في العظام.
-
فيتامين د: فيتامين قابل للذوبان في الدهون، يُنتج عند تعرض الجلد لأشعة الشمس، ويساعد على امتصاص الكالسيوم من الطعام أو المكملات الغذائية.
بدون فيتامين د، لا يستطيع الجسم الاستفادة من الكالسيوم بشكل كافٍ، حتى لو تم تناوله بوفرة. لذلك، فإن الجمع بين مكملات الكالسيوم وفيتامين د يمنح أقصى استفادة وقائية وعلاجية في سن اليأس.
ما هي الجرعات اليومية الموصى بها في سن اليأس؟
وفقًا للمعاهد الوطنية للصحة (NIH) ومنظمة الصحة العالمية، فإن الجرعات المناسبة تعتمد على العمر والحالة الصحية:
-
الكالسيوم:
-
من 50 إلى 70 عامًا: 1200 ملغ يوميًا.
-
أكثر من 70 عامًا: 1200–1500 ملغ يوميًا.
-
-
فيتامين د:
-
من 50 إلى 70 عامًا: 600–800 وحدة دولية (IU) يوميًا.
-
أكثر من 70 عامًا: 800–1000 وحدة دولية يوميًا.
-
تجدر الإشارة إلى أن هذه الجرعات تشمل إجمالي ما يتم الحصول عليه من الطعام والمكملات، لذا يجب مراعاة محتوى النظام الغذائي عند احتساب الجرعة المطلوبة من المكملات.
متى تحتاج المرأة إلى مكملات الكالسيوم وفيتامين د؟
يمكن تحديد الحاجة بناءً على عدة عوامل:
-
وجود تاريخ عائلي لهشاشة العظام.
-
ضعف النظام الغذائي أو سوء الامتصاص.
-
قلة التعرض لأشعة الشمس.
-
حالات نقص مثبتة في اختبارات الدم.
-
أمراض مزمنة مثل السكري أو اضطرابات الغدة الدرقية.
-
تناول أدوية تؤثر على كثافة العظام مثل الكورتيزون.
في مثل هذه الحالات، يصبح تناول مكملات الكالسيوم وفيتامين د ضروريًا بإشراف الطبيب.
كيف تختارين مكمل الكالسيوم المناسب؟
1. نوع الكالسيوم
-
كربونات الكالسيوم: يتطلب وجود حمض المعدة لامتصاصه، لذا يُنصح بتناوله مع الطعام.
-
سترات الكالسيوم: يمكن تناوله على معدة فارغة ويمتصه الجسم بسهولة أكبر، خاصة مع التقدم في السن أو لدى من يعانون من مشاكل هضمية.
2. الجرعة في الحبة الواحدة
احرصي على أن تكون الجرعة موزعة على مدار اليوم، لأن الجسم لا يستطيع امتصاص أكثر من 500–600 ملغ من الكالسيوم في جرعة واحدة.
3. وجود فيتامين د
يفضل اختيار مكمل يجمع بين الكالسيوم وفيتامين د في نفس المنتج، لزيادة الفاعلية وسهولة الاستخدام.
كيف تختارين مكمل فيتامين د المناسب؟
-
فيتامين د2 (إرغوكالسيفيرول): مصدر نباتي، أقل فاعلية نسبيًا.
-
فيتامين د3 (كوليكالسيفيرول): مصدر حيواني، يمتصه الجسم بشكل أفضل ويُعد الشكل المفضل.
يمكن تناول فيتامين د في صورة قطرات أو كبسولات، ويجب اختياره بناءً على التركيز المطلوب وراحة الاستخدام.
أفضل المصادر الطبيعية للكالسيوم وفيتامين د
حتى مع تناول المكملات، من المهم الحفاظ على نظام غذائي غني بهذه العناصر:
مصادر الكالسيوم:
-
منتجات الألبان: اللبن، الجبن، الزبادي.
-
الخضروات الورقية: السبانخ، الكرنب.
-
المكسرات: اللوز.
-
البقوليات: الفاصوليا البيضاء.
-
الأطعمة المدعّمة: عصير البرتقال المدعم، حبوب الإفطار.
مصادر فيتامين د:
-
التعرض اليومي لأشعة الشمس (15–30 دقيقة).
-
الأسماك الدهنية: السلمون، السردين، التونة.
-
زيت كبد الحوت.
-
البيض.
-
الفطر.
هل هناك آثار جانبية لمكملات الكالسيوم وفيتامين د؟
نعم، خاصة عند تناول جرعات مفرطة دون رقابة طبية:
الكالسيوم:
-
إمساك.
-
حصى الكلى عند الجرعات العالية جدًا.
-
اضطرابات هضمية.
فيتامين د:
-
غثيان.
-
فقدان الشهية.
-
فرط كالسيوم الدم (عند تجاوز الجرعة اليومية بكثير).
ينبغي دائماً استشارة الطبيب قبل بدء أي مكمل لتحديد الجرعة المناسبة وتفادي التداخلات مع الأدوية الأخرى.
إن العناية بصحة العظام في مرحلة سن اليأس ليست رفاهية، بل ضرورة للحفاظ على جودة الحياة والحركة والاستقلالية في العمر المتقدم. تلعب مكملات الكالسيوم وفيتامين د دورًا محوريًا في هذه العناية، سواء في الوقاية من هشاشة العظام أو في تعزيز بنية الجسم بشكل عام.
لكن كما هو الحال مع أي مكمل غذائي، فإن الاستخدام العشوائي دون تقييم طبي قد ينعكس سلبًا على الصحة. لذلك، ينصح دومًا باستشارة الطبيب، وإجراء فحوصات دورية لمستويات الكالسيوم وفيتامين د، ودمج المكملات ضمن أسلوب حياة صحي يشمل الغذاء المتوازن والنشاط البدني والتعرض الكافي لأشعة الشمس.
الأسئلة الشائعة
1. هل يمكن الاعتماد على الغذاء فقط بدلًا من مكملات الكالسيوم وفيتامين د؟
في بعض الحالات، يمكن للنظام الغذائي المتوازن أن يغطي احتياجات الجسم من الكالسيوم وفيتامين د، خاصة عند النساء الأصغر سنًا. ولكن مع التقدم في العمر، وانخفاض كفاءة الامتصاص، وصعوبة التعرض الكافي لأشعة الشمس، تصبح مكملات الكالسيوم وفيتامين د ضرورية لتلبية الاحتياجات اليومية والوقاية من هشاشة العظام.
2. متى يجب البدء في تناول مكملات الكالسيوم وفيتامين د؟
ينصح بالبدء بتناول المكملات عند ظهور أعراض نقص، أو إذا تم تشخيص هشاشة أو نقص كثافة العظام، أو عند دخول مرحلة سن اليأس وما بعدها، خصوصًا إذا كانت هناك عوامل خطر مثل التاريخ العائلي أو التغذية الفقيرة. يُفضّل أن يتم ذلك بإشراف طبي لتحديد الجرعة المناسبة.
3. ما هي أفضل طريقة لتناول مكملات الكالسيوم؟
يفضل تقسيم الجرعة اليومية إلى جرعتين أو أكثر، لأن الجسم لا يمتص أكثر من 500–600 ملغ من الكالسيوم في المرة الواحدة. كما يُفضل تناول كربونات الكالسيوم مع الطعام، بينما يمكن تناول سترات الكالسيوم على معدة فارغة.
4. هل يمكن أن تسبب مكملات الكالسيوم وفيتامين د آثارًا جانبية؟
نعم، عند تناولها بجرعات مفرطة أو دون مراقبة طبية. قد تشمل الأعراض:
-
إمساك أو اضطرابات في المعدة (بسبب الكالسيوم).
-
غثيان أو إرهاق عام (بسبب الجرعات الزائدة من فيتامين د).
-
تكوّن حصى في الكلى عند الإفراط في تناول الكالسيوم.
لذلك من الضروري الالتزام بالجرعات الموصى بها وعدم تناول المكملات إلا عند الحاجة الفعلية.
5. ما الفرق بين فيتامين د2 ود3؟ وأيهما أفضل؟
-
فيتامين د2 (Ergocalciferol): مصدره نباتي، يُستخدم في بعض المكملات.
-
فيتامين د3 (Cholecalciferol): مصدره حيواني أو من التعرض للشمس، وهو الأكثر فاعلية وامتصاصًا في الجسم.
لذا، يوصى غالبًا باختيار مكمل يحتوي على فيتامين د3 عند الحاجة إلى دعم فعال لمستوى فيتامين د في الدم.
6. هل هناك تداخل بين مكملات الكالسيوم وفيتامين د والأدوية الأخرى؟
نعم. الكالسيوم قد يؤثر على امتصاص بعض الأدوية مثل:
-
أدوية الغدة الدرقية.
-
بعض المضادات الحيوية (مثل التتراسيكلين والكينولونات).
-
أدوية هشاشة العظام نفسها.