المدينة الرقمية لكبار السن في الدول العربية

أدوية الحموضة وهشاشة العظام | مايجب أن يعرفه كبار السن؟

أدوية الحموضة وهشاشة العظام

أدوية الحموضة وهشاشة العظام تمثلان موضوعًا مهمًا وحيويًا يجب التوقف عنده، خاصة عندما يتعلق الأمر بكبار السن الذين يعانون من مشكلات صحية متعددة تتطلب تدخلات دوائية دقيقة ومستمرة. في السنوات الأخيرة، لاحظ الأطباء والباحثون تزايد القلق بشأن العلاقة بين استخدام أدوية الحموضة لفترات طويلة وخطر الإصابة أو تفاقم هشاشة العظام، وهو ما يضع فئة كبار السن في دائرة الخطر الصحي المزدوج. ذلك لأنهم من أكثر الفئات استخدامًا لأدوية مثبطات مضخة البروتون (PPIs) ومضادات الحموضة، وفي الوقت نفسه هم الفئة الأكثر عرضة لفقدان الكثافة العظمية بشكل طبيعي مع التقدم في العمر.

يتناول العديد من كبار السن أدوية الحموضة بشكل يومي لعلاج مشكلات مثل ارتجاع المريء وقرحة المعدة والحرقة المعوية، ولكن ما لا يعلمه البعض أن الاستخدام طويل الأمد لهذه الأدوية قد يؤثر سلبًا على امتصاص بعض العناصر الغذائية الأساسية مثل الكالسيوم والمغنيسيوم وفيتامين B12، وهي عناصر ضرورية للحفاظ على صحة العظام. وعندما يترافق هذا النقص الغذائي مع التقدم في السن، تزداد احتمالية تعرض كبار السن لهشاشة العظام وكسور العظام، حتى مع حوادث بسيطة.

في هذه المقدمة نسلّط الضوء على التداخل بين أدوية الحموضة وهشاشة العظام، وسبب أهمية فهم هذه العلاقة من منظور وقائي وعلاجي في آنٍ واحد. كما سنناقش في المقال تفصيلًا ما هي الأدوية التي ترفع خطر الهشاشة، ومن هم الأشخاص الأكثر عرضة لهذا التأثير، وكيف يمكن التخفيف من المضاعفات المحتملة عبر تعديلات بسيطة في النمط الحياتي والدوائي. الوعي بهذه العلاقة لا يعني التوقف عن العلاج، بل يعني إدارة الحالة الصحية بكفاءة وتوازن، لتجنب المضاعفات الخفية التي قد لا تظهر إلا بعد سنوات من الاستخدام المستمر.

أدوية الحموضة وهشاشة العظام: فهم العلاقة الخفية

يعتمد ملايين كبار السن على أدوية الحموضة بشكل يومي لتخفيف أعراض مزعجة مثل ارتجاع المريء، الحموضة المعوية، وقرحة المعدة. ومن أبرز هذه الأدوية ما يُعرف بمثبطات مضخة البروتون (PPIs) مثل الأوميبرازول والبانتوبرازول، إلى جانب مضادات الحموضة التي تُصرف بدون وصفة طبية.

لكن ظهرت في السنوات الأخيرة دراسات تربط بين الاستخدام الطويل لأدوية الحموضة وظهور مشاكل في العظام، أبرزها هشاشة العظام. حيث تؤثر هذه الأدوية على امتصاص الكالسيوم والمغنيسيوم، وهما عنصران أساسيان في بناء العظام. هذا التأثير يُعد خطيرًا خصوصًا في مرحلة الشيخوخة، حيث تقل الكثافة العظمية طبيعيًا ويزداد خطر الكسور.

كيف تؤثر أدوية الحموضة على امتصاص الكالسيوم؟

تعمل أدوية الحموضة، وخاصة مثبطات مضخة البروتون، على تقليل إنتاج الحمض المعدي الذي يساعد في امتصاص الكالسيوم من الغذاء. والكالسيوم هو عنصر حيوي في الحفاظ على قوة العظام وكثافتها، ونقصه يؤدي إلى ضعف بنية العظم وزيادة احتمالية الكسور.

تُشير الدراسات إلى أن الكالسيوم الموجود في الأطعمة أو المكملات الغذائية يحتاج إلى بيئة حمضية كي يُمتص بشكل فعّال. وعند تقليل الحمض، كما يحدث مع استخدام أدوية الحموضة، ينخفض معدل الامتصاص، ما يؤدي على المدى الطويل إلى نقص في مستويات الكالسيوم، وبالتالي إلى هشاشة العظام.

كبار السن بين أدوية الحموضة وهشاشة العظام: فئة في دائرة الخطر

كبار السن هم الفئة الأكثر استخدامًا لأدوية الحموضة بسبب شيوع أمراض الجهاز الهضمي لديهم، وفي الوقت ذاته، هم الأكثر عرضة لهشاشة العظام بفعل عوامل طبيعية كالتقدم في السن، وانخفاض الهرمونات، وتراجع النشاط البدني.

هذا التداخل يجعلهم أكثر تأثرًا بأي عامل يمكن أن يُضعف صحة العظام، وبالتالي فإن استخدامهم الطويل لأدوية الحموضة قد يشكل خطرًا مضاعفًا. ولذلك، فإن التوعية بهذه العلاقة وإجراء الفحوصات الدورية لكثافة العظام أمر بالغ الأهمية لهم.

أبرز أدوية الحموضة المرتبطة بهشاشة العظام

من أشهر الأدوية التي ربطت الأبحاث بينها وبين هشاشة العظام:

  • أوميبرازول (Omeprazole)

  • إيسوميبرازول (Esomeprazole)

  • لانسوبرازول (Lansoprazole)

  • بانتوبرازول (Pantoprazole)

  • رابيبرازول (Rabeprazole)

وتنتمي جميعها إلى فئة مثبطات مضخة البروتون. كما أن مضادات الحموضة التي تحتوي على الألومنيوم قد تؤثر أيضًا على امتصاص الفوسفور، وهو عنصر مهم لصحة العظام.

الدراسات العلمية حول أدوية الحموضة وهشاشة العظام

أظهرت دراسة نُشرت في مجلة “JAMA” أن الأشخاص الذين استخدموا مثبطات مضخة البروتون لفترات تتجاوز السنة كانوا أكثر عرضة بنسبة تصل إلى 30% للإصابة بكسور في الورك مقارنة بغير المستخدمين.

دراسة أخرى نشرتها “Annals of Family Medicine” ربطت بين الاستخدام المطول لتلك الأدوية وانخفاض كثافة العظام في العمود الفقري والفخذ. كما حذّرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) من استخدام طويل الأمد لهذه الأدوية دون إشراف طبي.

هل يعني ذلك التوقف عن أدوية الحموضة تمامًا؟

لا. فالفائدة التي تقدمها هذه الأدوية في تخفيف أعراض خطيرة كقرحة المعدة والارتجاع لا يمكن تجاهلها. لكن يجب التعامل معها بحذر:

  • عدم استخدامها لفترات طويلة دون ضرورة طبية واضحة.

  • تقييم الحاجة لها كل فترة من قبل الطبيب.

  • استخدام أقل جرعة ممكنة ولأقصر فترة زمنية.

  • البحث عن بدائل غير دوائية لتخفيف الحموضة.

خطوات وقائية لتفادي هشاشة العظام أثناء استخدام أدوية الحموضة

1. الفحص الدوري لكثافة العظام

ينصح كبار السن، خصوصًا من يتناولون أدوية الحموضة لفترات طويلة، بإجراء فحص كثافة العظام (DEXA) كل سنتين على الأقل.

2. تعزيز تناول الكالسيوم والمغنيسيوم

الحرص على تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم مثل منتجات الألبان، والخضروات الورقية، والمكملات تحت إشراف طبي. وكذلك المغنيسيوم الذي يوجد في المكسرات، والبقوليات، والحبوب الكاملة.

3. فيتامين د ضروري

يساعد فيتامين د في امتصاص الكالسيوم بكفاءة. والتعرض للشمس يوميًا لمدّة كافية أو تناول المكملات يساهم في الحماية من الهشاشة.

4. ممارسة الرياضة

تمارين المقاومة والمشي المنتظم تقوي العضلات والعظام وتحافظ على توازن الجسم، ما يقلل من خطر السقوط والكسور.

بدائل طبيعية أو سلوكية لأدوية الحموضة

– تعديل نمط الغذاء

تجنب الأطعمة الحمضية أو المقلية أو الحارة التي تثير الحموضة.

– تنظيم الوجبات

تناول وجبات صغيرة ومتفرقة بدلًا من الوجبات الكبيرة، وتجنب الاستلقاء بعد الأكل مباشرة.

– رفع الرأس أثناء النوم

رفع الجزء العلوي من الجسم عند النوم يساعد في منع ارتجاع الحمض.

– خسارة الوزن الزائد

الوزن الزائد يضغط على المعدة ويزيد من الحموضة، والتخلص منه يخفف من الأعراض.

متى يجب القلق؟ علامات تدل على احتمال الإصابة بهشاشة العظام

  • آلام الظهر المزمنة بدون سبب واضح

  • تراجع الطول بمرور الوقت

  • انحناء الظهر أو تقوسه

  • كسور تحدث بسهولة حتى مع السقوط البسيط

إذا ظهرت إحدى هذه العلامات عند كبار السن، خاصة من يتناولون أدوية الحموضة، فيجب التوجه للطبيب فورًا وإجراء فحوص شاملة.

أدوية الحموضة وهشاشة العظام: التوصيات الرسمية للأطباء

توصي الهيئات الصحية العالمية بما يلي:

  • تقييم خطر الهشاشة قبل وصف مثبطات مضخة البروتون طويل الأمد.

  • تقليل الجرعة والفترة الزمنية كلما أمكن.

  • وصف مكملات الكالسيوم وفيتامين د للمرضى المعرضين للخطر.

  • تشجيع كبار السن على تغيير نمط حياتهم لتقليل الحاجة إلى الأدوية.

أدوية الحموضة وهشاشة العظام

تجارب حقيقية: معاناة صامتة من آثار أدوية الحموضة

سيدة تبلغ من العمر 68 عامًا، كانت تتناول الأوميبرازول بشكل يومي لأكثر من 5 سنوات بسبب ارتجاع المريء. بدأت تعاني من آلام ظهر متكررة، وبعد إجراء فحص DEXA، تبيّن وجود هشاشة متقدمة. لم تكن تعلم أن هناك علاقة بين دوائها المعتاد ومشكلة عظامها، إلى أن نبهها الطبيب وأوقف الدواء تدريجيًا بالتزامن مع علاجات العظام.

حوار بين الطبيب والمريض: كيف يُدار استخدام أدوية الحموضة بحكمة؟

المريض: “أنا لا أستطيع العيش بدون دواء الحموضة، ألمعدة تؤلمني بشدة.”
الطبيب: “صحيح، ولكن يجب أن نستخدم الدواء بحذر، ونبحث عن السبب الأساسي للحموضة، ونوازن بين فائدته ومخاطره.”
المريض: “هل سأصاب بهشاشة العظام؟”
الطبيب: “ربما، إن استخدمته لفترات طويلة دون دعم غذائي ورياضي. لذا سنفحص العظام، ونعدل الجرعة، ونراقب صحتك عن قرب.

العلاقة بين أدوية الحموضة وهشاشة العظام يجب ألا تُهمل، خاصة من قبل كبار السن الذين يشكلون الفئة الأكثر عرضة للمضاعفات الناتجة عن الاستخدام الطويل لتلك الأدوية. ليس الهدف من هذه المقالة التخويف أو منع العلاج، بل التوعية وإضاءة الجانب الخفي الذي قد يغفل عنه كثيرون.

باتباع نمط حياة صحي، وتحت إشراف طبي دقيق، يمكن الجمع بين الراحة من الحموضة وسلامة العظام. والأهم أن نُشرك المسن في القرار العلاجي، ونمدّه بالمعرفة التي تحميه من الضرر، ليعيش شيخوخة صحية وآمنة ومتوازنة.

الأسئلة الشائعة

1. هل تسبب أدوية الحموضة هشاشة العظام فعلًا؟

نعم، تشير الدراسات إلى أن الاستخدام الطويل لبعض أدوية الحموضة، خاصة مثبطات مضخة البروتون (PPIs)، قد يقلل امتصاص الكالسيوم في الجسم، ما يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام وكسور العظام، خصوصًا عند كبار السن.

2. ما هي أدوية الحموضة الأكثر ارتباطًا بهشاشة العظام؟

الأدوية التي تنتمي إلى فئة مثبطات مضخة البروتون مثل:

  • أوميبرازول (Omeprazole)

  • إيسوميبرازول (Esomeprazole)

  • بانتوبرازول (Pantoprazole)

  • لانسوبرازول (Lansoprazole)
    تُعتبر من الأدوية التي قد تؤثر على كثافة العظام عند استخدامها لفترات طويلة.

3. هل مضادات الحموضة التي تُصرف بدون وصفة آمنة من ناحية العظام؟

بعض مضادات الحموضة التي تحتوي على الألومنيوم أو الكالسيوم قد تؤثر على امتصاص المغذيات الأخرى عند الإفراط في استخدامها. لذلك، لا يُنصح باستخدامها بشكل دائم دون إشراف طبي، حتى وإن كانت تُصرف بدون وصفة.

4. كيف يمكنني حماية عظامي أثناء استخدام أدوية الحموضة؟

  • تناول مكملات الكالسيوم وفيتامين د بإشراف الطبيب.

  • اعتماد نظام غذائي غني بالعناصر المقوية للعظام.

  • ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.

  • إجراء فحوص دورية لكثافة العظام.

5. هل يجب التوقف عن أدوية الحموضة لتفادي هشاشة العظام؟

ليس بالضرورة. يجب عدم التوقف المفاجئ عن هذه الأدوية، بل يجب مراجعة الطبيب لتقييم مدى الحاجة لها، وضبط الجرعة أو التفكير في بدائل آمنة حسب الحالة الصحية العامة.

6. هل يمكن استخدام أدوية الحموضة بشكل آمن على المدى الطويل؟

يمكن استخدامها بأمان تحت إشراف طبي، بشرط أن يتم:

  • استخدام أقل جرعة فعالة.

  • مراجعة الفائدة مقابل الخطر بانتظام.

  • اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة لحماية العظام.

7. ما أعراض هشاشة العظام التي يجب الانتباه لها؟

  • ألم مستمر في الظهر أو الرقبة.

  • انخفاض تدريجي في الطول.

  • انحناء القامة أو تقوس الظهر.

  • كسور تحدث بسهولة بعد سقوط بسيط أو دون سبب واضح.

8. هل يمكن التخفيف من الحموضة بدون أدوية؟

نعم، عبر:

  • تقليل تناول الأطعمة الدهنية والحارة.

  • تناول وجبات صغيرة.

  • تجنب الاستلقاء بعد الأكل.

  • خسارة الوزن الزائد.

  • رفع الرأس أثناء النوم.

9. ما هي مدة الاستخدام الآمنة لأدوية الحموضة؟

ينصح بعدم استخدام أدوية مثبطات مضخة البروتون لأكثر من 8-12 أسبوعًا إلا إذا أوصى الطبيب بغير ذلك. أما الاستخدام الطويل فيجب أن يكون تحت إشراف طبي دقيق يشمل مراقبة كثافة العظام.

10. ما البدائل المتاحة إذا تسببت أدوية الحموضة في ضعف العظام؟

الطبيب قد يوصي بـ:

  • تقليل الجرعة أو التوقف التدريجي.

  • استخدام أدوية بديلة مثل مضادات H2.

  • دعم المكملات الغذائية لتقوية العظام.

  • علاج الحموضة بطرق غير دوائية متكاملة.

مشاركة

جميع الحقوق محفوظة لـ المدينة الرقمية لكبار السن في الدول العربية© 2022