مع التقدم في العمر، تزداد حاجة الإنسان إلى رعاية صحية شاملة تضمن له حياة مستقرة وكريمة. وتُعد الأمراض المزمنة من أبرز المشكلات الصحية التي يواجهها كبار السن، إذ تشير الإحصاءات إلى أن نسبة كبيرة من المسنين يعانون من مرض واحد مزمن على الأقل، مثل: السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، وهشاشة العظام، وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة. لا تكمن خطورة هذه الحالات في الإصابة ذاتها فحسب، بل في تأثيرها الممتد على جودة الحياة، والقدرة على الحركة، والاستقلالية اليومية.
لكن على الرغم من الانتشار الواسع لهذه الأمراض، فإن الوقاية منها ممكنة — بل وفعّالة — إذا ما تم تبنّي نمط حياة صحي ومتوازن منذ وقت مبكر، أو حتى بعد سن الستين. إن الوقاية من الأمراض المزمنة عند كبار السن لا تتطلب بالضرورة مجهودات خارقة، بل ترتكز على خطوات بسيطة لكنها مستمرة، مثل: التغذية السليمة، النشاط البدني المنتظم، المتابعة الطبية الدورية، والدعم النفسي والاجتماعي.
في هذا المقال، سنسلّط الضوء على أسباب انتشار الأمراض المزمنة بين كبار السن، ونستعرض مجموعة من نصائح الوقاية المدعومة بالعلم والخبرة، لمساعدة المسنين وأسرهم على بناء نمط حياة صحي ومستقر.
لماذا تكثر الأمراض المزمنة عند كبار السن؟
مع التقدم في العمر تضُعف وظائف أجهزة الجسم بشكل تدريجي ويزداد احتمال الإصابة بالأمراض المزمنة نتيجة لعوامل وراثية أو اتباع أنماط حياة غير صحية أو ضعف الوعي الصحي خاصة في مجتمعاتنا العربية. كما تلعب البيئة الاجتماعية والاقتصادية دوراً بارزاً في تفاقم هذه المشكلة؛ إذ قد يضطر بعض كبار السن لإهمال صحتهم بسبب قلة الدعم أو الظروف المادية الصعبة.
أبرز الأمراض المزمنة لدى كبار السن
ومن أبرز الأمراض المزمنة التي تصيب كبار السن في مجتمعنا العربي:
السكري (Diabetes): وما له من مضاعفات على جميع أجهزة الجسم.
ارتفاع ضغط الدم (Hypertension): ويعدُّ من الأسباب الرئيسة للجلطات والسكتات الدماغية.
أمراض القلب والشرايين (Cardiovascular Diseases): التي تؤثر على القدرة الجسدية والنفسية.
هشاشة العظام (Osteoporosis): وزيادة خطر الكسور.
أمراض الجهاز التنفسي المزمنة مثل الربو والانسداد الرئوي.
وتكمن خطورة هذه الأمراض في كونها غالباً صامتة، وقابلة للتفاقم في حال عدم التزام الُمسن بالنمط الوقائي والصحي المناسب.
خطوات الوقاية من الأمراض المزمنة لكبار السن
1. الغذاء المتوازن هو حجر الأساس لصحة المسن؛ حيث أن توفير احتياج الجسم من جميع العناصر الغذائية يُقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة أو يساهم في السيطرة عليها، كما ان التقليل من الدهون المشبعة والسكريات: مثل الزيوت المهدرجة، المخبوزات الصناعية، المشروبات الغازية يدعم صحة الجسم ويقي من الأمراض بشكل عام.
ويجب بعد سن الأربعين الحرص على زيادة استهلاك الخضار والفواكه؛ لأنها غنية بمضادات الأكسدة والألياف اللازمة لضبط مستويات السكر والكوليسترول، والحرص على تناول البروتين قليل الدسم كالأسماك، الدجاج، البقوليات.
كما أن شرب الماء بشكل كافٍ يومياً، والحد من المشروبات المحلاة يعزز من قدرة تحُمل الجسم ويقي من مرض السكري وأمراض الكلى.
2. الحركة المستمرة والنشاط البدني اليومي من أهم وسائل الوقاية والتحكم في الأمراض المزمنة لدى كبار السن؛ فيجب على المُسن ممارسة الرياضة المناسبة مثل المشي، تمارين التمدد، السباحة الخفيفة، أو التمارين المنزلية البسيطة؛ حيث أن الرياضة تساعد على تنشيط الدورة الدموية، وزيادة اللياقة العضلية والعقلية.
3. تعتبر الفحوصات والزيارات الدورية للطبيب؛ ضرورة للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة وتقييم فعالية الخطة الوقائية من الأمراض المزمنة، والحرص على القياس الدوري للضغط والسكر والكوليسترول، واستشارة الطبيب المختص دورياً، حتى في حال عدم ظهور أعراض.
4. يجب تجنب التدخين والكحول؛ فهما من مسببات الإصابة بمضاعفات خطيرة للأمراض المزمنة، والنوم الكافي والمنظم؛ لتحقيق راحة الجسد والدماغ، ومحاربة عوامل التوتر، كما أن الحفاظ على الوزن الصحي: لأن زيادة الوزن ترفع احتمالية الإصابات المزمنة.
5. الدعم النفسي والاجتماعي من الأسرة والمجتمع عنصر أساسي في تعزيز التزام المسن بالعادات الصحية، حيث أن الاندماج الاجتماعي وممارسة الهوايات تقلل التوتر وتقل حالات الاكتئاب المصاحبة للأمراض المزمنة، خاصة الشعور بالوحدة، كما أن متابعة النشاطات الاجتماعية البسيطة مثل المشاركة في جمعيات أو أندية المسنين.
الوقاية من الأمراض المزمنة عند كبار السن هي مفتاح لحياة سليمة ومستقلة وجودة حياة عالية. الحل ليس في العلاج فقط، بل في اتباع نمط حياة سليم وبيئة داعمة ورعاية أسرية واعية، وطلب المساعدة الطبية والغذائية عند الحاجة؛ حيث بإمكان كل أسرة عربية أن تساهم في حماية أحبائها من مضاعفات الأمراض المزمنة عبر خطوات بسيطة وفعّالة تضمن حياة أفضل للمسنين وتمنحهم سنوات إضافية من القوة والنشاط.
إذا كنت أحد مقدمي الرعاية أو من كبار السن أو أحد أفراد الأسرة، ابدأ اليوم بتطبيق هذه النصائح العملية، ولا تتردد في طلب المشورة الطبية والنفسية لبناء نمط حياة أفضل بعيداً عن الأمراض المزمنة.
الأسئلة الشائعة حول الوقاية من الأمراض المزمنة عند كبار السن
1. ما هي الأمراض المزمنة الأكثر شيوعاً لدى كبار السن؟
الأمراض المزمنة الأكثر شيوعاً تشمل السكري، ارتفاع ضغط الدم، أمراض القلب والأوعية الدموية، هشاشة العظام، وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة مثل الربو والانسداد الرئوي.
2. كيف يمكن الوقاية من الأمراض المزمنة عند كبار السن؟
الوقاية تتم من خلال اتباع نمط حياة صحي يشمل التغذية المتوازنة، ممارسة النشاط البدني بانتظام، الالتزام بالفحوصات الطبية الدورية، الابتعاد عن التدخين والكحول، والحفاظ على التوازن النفسي والاجتماعي.
3. هل الرعاية المنزلية فعالة في حماية كبار السن من الأمراض المزمنة؟
نعم، الرعاية المنزلية تساعد في متابعة الحالة الصحية بشكل مستمر، توفير الدعم النفسي، تنظيم النظام الغذائي، وتقديم التمارين الحركية المناسبة، مما يساهم في الوقاية والتحكم بالأمراض المزمنة.
4. كيف يمكن للأسرة دعم كبار السن الذين يعانون من أمراض مزمنة؟
يمكن للأسرة دعمهم بالاهتمام بمواعيد الأدوية، متابعة الفحوصات الطبية، توفير بيئة منزلية آمنة، وتحفيز المشاركة في النشاطات الاجتماعية والنفسية.
5. هل يمكن استخدام التكنولوجيا في رعاية المسنين المصابين بأمراض مزمنة؟
نعم، التقنيات مثل التطبيقات الصحية، المتابعة الطبية عن بعد، وأجهزة التنبيه تساعد في مراقبة الحالة الصحية للمسنين وتُسهل حصولهم على الرعاية المناسبة في الوقت المناسب.
6. ما هي أهمية النشاط البدني لكبار السن في الوقاية من الأمراض المزمنة؟
النشاط البدني المنتظم يحسن من القدرة الحركية، يقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكري، ويحفز الصحة النفسية، مما يجعله عنصرًا أساسيًا في الوقاية.
7. كيف تؤثر المشكلات النفسية والاجتماعية على صحة كبار السن؟
العزلة، الاكتئاب، والضغط النفسي تؤدي إلى تدهور الحالة الصحية العامة، وقد تزيد من احتمال تفاقم الأمراض المزمنة، لذلك الدعم النفسي والاجتماعي ضروري للحفاظ على صحتهم.
دليلك للوقاية من الأمراض المزمنة عند كبار السن من خلال التغذية السليمة، النشاط البدني، والفحوصات الدورية لتحسين جودة الحياة.
أهم المصادر:
ncoa.org