المدينة الرقمية لكبار السن في الدول العربية

التقنيات الحديثة تساعد كبار السن على العيش باستقلالية

يعتقد البعض أن التقنيات الحديثة في الاتصالات والتكنولوجيا القابلة للارتداء، ستؤثر بوضوح في مستقبل الرعاية الصحية، ليس فقط من ناحية أدوات التشخيص وطرق العلاج، بل على طرق متابعة المرضى وكبار السن في منازلهم، ما يتيح لهم العيش بشكل مستقل إلى حد كبير، ما قد يُمثل حلاً ممكناً للتعامل مع ارتفاع معدلات الأعمار حول العالم.

ويُمكن أن يلمس كبار السن في الدول الغربية تغييرات تقنية في تناولهم الدواء أو اتصالهم مع مقدمي الرعاية، مثل زجاجات الدواء التي تُطلع الأطباء على مدى انتظامهم في تناول الجرعة المحددة، وقطع السجاد المزودة بأدوات استشعار يمكنها تحديد تعرض الشخص للسقوط، وكذلك مستشعر من تطوير شركة «هانيويل» يمكن للمستخدم ارتداؤه ليحدد ما إذا كان يتحرك بطريقة طبيعية أو على نحو يشير لتعرضه للوقوع.

ويرى محللون أنه على الرغم من أن سوق مثل هذه المنتجات لاتزال محدودة، فإنه يُتوقع توسعها مع وصول مزيد من الأشخاص إلى سن التقاعد، وفي الوقت نفسه تُثير مثل هذه التقنيات مخاوف العصر حول سبل ضمان خصوصية بيانات المرضى، وتصميم هذه الأجهزة بشكل يُلائم كبار السن، وربما أسئلة حول مستقبل العلاقات الإنسانية المباشرة مع العائلة ومقدمي الخدمات الصحية.

وأشار كبير التقنيين في «مركز الديمقراطية والتكنولوجيا»، جوزيف لورينزو هول، إلى أن هذه الأجهزة تعني عادةً إضافة أدوات استشعار في مساحات كانت محمية بشكل تقليدي، مُضيفاً أنه يمكن لمستشعر بسيط لدرجة الحرارة أن يكشف شيئاً مثل وجود الشخص في المنزل.

وتُمثل هذه الجهود دفعة لأساليب «العلاج عن بعد» أو «تيليميدسين»، الذي يُشير إلى استخدام الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تقديم الرعاية السريرية عن بعد.

ويرى المتخصص في طب الشيخوخة ومدير «مركز التكنولوجيا والشيخوخة»، ديفيد ليندمان، أن تلقي الأطباء مثل هذه البيانات يُسهل عليهم مهمة متابعة المرضى، لافتاً إلى أن متابعة شخص ما أثناء وجوده في بيئته الطبيعية، بدلاً من إعداد ظروف سريرية في المستشفى، يمكن أن تنتهي إلى تشخيص أكثر دقة.

كما أنه يمكن لهذه التقنيات مساعدة الراغبين في العيش في منازلهم من دون اللجوء إلى دور رعاية كبار السن، وفي حال كهذه يكون الاتصال العاجل بمقدمي الخدمات الصحية عند الضرورة حاسماً لحياتهم، بحسب ما يقول مسؤولون رسميون في المجال.

وعلى سبيل المثال، يعمل منبه «موبيل ألرت» وأجهزة التنبيه من السقوط داخل المنزل وخارجه، ما يسمح للمستخدمين بالإبلاغ عن حالات الطوارئ أينما وُجدوا.

ونقل الرئيس التنفيذي لشركة «موبيل هلب»، روبرت فليبو، عن واحدة من مستخدمي الجهاز، قولها إنه ساعدها على تقليل خوفها من السير بمفردها لتفقّد صندوق البريد الخاص بها، وأضاف أنها كانت في الماضي تجلس بجوار النافذة لتنتظر مشاهدة شخص يسير في الجوار حتى لا تكون وحيدة حين تذهب للصندوق.

وخلال «معرض الإلكترونيات الاستهلاكية» الذي انعقد في وقتٍ سابق من فبراير الجاري في لاس فيغاس الأميركية، عرضت شركة «كوالكوم» إمكانات جهاز طبي في المنزل باسم «هيلث سيركلز» ما يعني «دوائر الصحة».

ويعتمد على جهاز استقبال مركزي يحصل على بيانات من العديد من الأدوات التي يستخدمها المرضى لمتابعة حالتهم الصحية مثل الميزان الذكي، وأدوات قياس ضغط الدم المتصلة، وقراءة نسبة الغلوكوز، ومن ثم يجمعها في موقع مركزي ليمكن تحليلها بنظرة واحدة.

كما يتضمن الجهاز قسماً للمرضى يمكنهم الوصول إليه عبر هواتف «آي فون» وأجهزة «آي باد» اللوحية، والأجهزة العاملة بنظام تشغيل «أندرويد»، ما يُيسر عليهم الإبلاغ عن آثار دواء جديد، ومشاركة تحديثات مع أطبائهم وأفراد العائلة وغيرهم من مقدمي خدمات الرعاية الصحية.

وفي مثال على ما يُمكن أن تحدثه برامج الرعاية الصحية عن بعد، شهد برنامج العلاج التابع لوزارة شؤون المحاربين القدامى في الولايات المتحدة تحولاً جذرياً منذ وفر الخدمات الصحية عن بعد، مثل مؤتمرات الفيديو والشاشات الذكية في عام 2003.

وأشار الطبيب ومنسق برنامج الرعاية الصحية عن بُعد، آدم داركينس، إلى أن البرنامج قلل من الأيام التي يقضيها المريض في المستشفى بنسبة 59%، كما حد من دخول المحاربين القدامى للمستشفى بنسبة 35%، على اختلاف فئاتهم العمرية ومناطق السكن.

وأضاف داركينس أن البرنامج حقق توفيراً قدره 2000 دولار في العام الواحد حتى مع حساب كلفة البرنامج نفسه، وتُنسب هذه الوفورات جزئياً إلى دور استخدام «الرعاية الصحية عن بعد» في تقليل الوقت الذي يقضيه المريض في المستشفى، والأموال التي تُنفق للرعاية في أوقات الأزمة، ولزيادة كفاءة كل زيارة، كما أشار إلى ما يعود على المرضى من فوائد واضحة، لاسيما المحاربين القدماء المرتبطين بمدنهم الأصلية. ومع الآراء المدافعة عن مزايا هذه التقنيات، لا يخلو الحديث عنها من تساؤلات حول الحماية المتوافرة للتفاصيل الشخصية للمريض. وأشار هول، من «مركز الديمقراطية والتكنولوجيا»، إلى أن الكثير من الشركات التي تدخل السوق لم تتعامل تقليدياً مع المعلومات الصحية، كما لم يتضح بعد توافق قوانين اختراق البيانات والأمن وغيرها مع الأجهزة الجديدة، والمعايير التي ستضعها الشركات لحماية تدفق البيانات.

ومن ناحية الشركات، مثل «هانيويل» و«كوالكوم»، فتؤكد توافق منتجاتها مع بروتوكولات الخصوصية والأمن الخاصة بقانون «قابلية التأمين الصحي للنقل والمساءلة» في الولايات المتحدة، المعروف اختصاراً باسم «هيبا»، ولا يمكن للقراصنة الاستفادة من السجلات السرية.

وترى المتحدثة باسم خدمة «هوم ميد» لمتابعة المرضى التابعة لشركة «هانيويل»، ستايسي فورس، أن العامل الحاسم يكمن في طريقة استخدام الجهاز والتعامل مع البيانات، وقالت فورس إنه لا توجد أجهزة تُطابق بطبيعتها قانون «هيبا»، وأضافت أن بعض العوامل تساعد على تحقيق الموافقة، ومنها طريقة استخدام الجهاز، وأسلوب تعامل الشركة مع بيانات المريض، إضافة إلى جميع مستويات الأمان المحيطة بالبرنامج. ويُضاف إلى ما سبق، العامل المتعلق بتصميم الأجهزة، فبعضها يستريح كبار السن في استخدامه. وكان مشروع الإنترنت والحياة الأميركية التابع لمركز «بيو» للأبحاث، كشف في أكتوبر الماضي عن بيانات ملكية الأميركيين للحواسيب اللوحية، إذ تبين أنه مع امتلاك 35% منهم لهذه الأجهزة، فإن من بينهم نسبة 16% فقط ممن هم في سن 65 أو أعلى، الأمر الذي دفع الأستاذ في «كلية ماكدونو لإدارة الأعمال» في جامعة «جورج تاون»، بيل نوفيلي، للقول بأهمية اتجاه التفكير لتصميم منتجات لا تُخيف كبار السن.

المصدر : الامارات اليوم

مشاركة

بيانات الاتصال

اتصل بنا

97333521334+

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لـ المدينة الرقمية لكبار السن في الدول العربية© 2022