المدينة الرقمية لكبار السن في الدول العربية

الصناعات الدوائية الفلسطينية تُغطي 55% من احتياجات السوق المحلية

د. مروان الأسطل: معيقات الاحتلال تُقوض تطوير الصناعات الدوائية والمطلوب دعمها وفتح آفاق التصدير للأسواق الخارجية

د. حمزة طبازة : إسرائيل تُحارب الصناعات الدوائية بحظر المواد الخام بذريعة الاستخدام المزدوج

د. محمد النونو : الصناعات الدوائية الوطنية تتمتع بجودة عالية ومنافسة

غزة- محاسن أُصرف

على الرغم من أن صناعة الأدوية الفلسطينية صناعة ناشئة، إذ بدأت خطواتها الرئيسية في الإنتاج كانت في أوائل ثمانينيات القرن الماضي؛ إلا أنها استطاعت أن تُثبت جودتها في ظل محدودية سوق الأدوية في قطاع غزة الذي يعتمد بالدرجة الأولى على مستودعات الضفة الغربية والمساعدات من القوافل والجهات المانحة.

ويُشير مسئولون في لقاءات منفصلة مع “الحدث” إلى أهمية صناعة الأدوية  كخيار إستراتيجي لتحقيق الأمن الدوائي، مُشددين على ضرورة احتضانها وتشجيعها ودعمها، خاصة وأنها تُسهم في تغطية احتياجات السوق المحلي من الدواء بنسبة تتراوح بين (50-55%) من الاستهلاك المحلي من الأدوية، كما تُسهم في تنمية الاقتصاد الفلسطيني على المدى البعيد إذا ما فُتحت أمامها أسواق التصدير العربية والأجنبية.

“الحدث” تبحث بمزيد من التفصيل عن واقع الصناعات الدوائية في قطاع غزة والعوامل المؤثرة في تطويرها وتضع رؤية لمستقبلها في ظل الحصار، كما تُفصل أهم المشكلات والعقبات التي تواجه تطويرها.

مؤسستان لصناعة الدواء بغزة

تُعد شركة الشرق الأوسط لصناعة الأدوية وأدوات التجميل واحدة من مؤسستين اثنتين لصناعة الأدوية في قطاع غزة، وبحسب د. مروان الأسطل مدير الشركة فإن شركته تصنع وتنتج تسعين صنفًا من أصناف الأدوية بمواصفات عالمية وتستطيع المنافسة على المستوى العربي والدولي لكنها تُعاني بسبب الاحتلال.

وكشف أن شركته بدأت في الإنتاج في العام 1999، وتمكنت من طرح ست أصناف دوائية لشريحة الأطفال كالمضادات الحيوية وأدوية السُعال والحساسية، ومن ثمَّ تطورت الشركة في إنتاجها للأصناف الدوائية الأكثر طلبًا في السوق المحلي، حتى أصبحت تُنتج (90) صنفًا دوائيًا جميعها معتمدة في السوق المحلي والإقليمي، منها أدوية لكبار السن كأدوية الأمراض المزمنة (الضغط والسكري) وأخرى خاصة بالعضلات والمفاصل والمعدة والجلد والحساسية منها ما هو كريم أو سائل معلق، أو حبوب وكبسولات.

أما المؤسسة الأخرى فهي الشركة العربية الألمانية لصناعة الأدوية ومستحضرات التجميل بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة، ويؤكد مديرها د. حمزة طبازة أنه عمد إلى إنشائها في العام 2013 نتيجة لحالة النقص التي يُعانيها القطاع في الأدوية، وقال:” أنشأنا المصنع لتوفير احتياجات السوق المحلي من الأصناف التي لا يوجد لها سوى بدائل أجنبية على مستوى الشرق الأوسط”، وبيّن أن الأدوية التي بدأت تُنتجها الشركة وطرحتها في الأسواق بلغت تسعة أصناف منها الأدوية النفسية، ومضادات الحساسية ومضادات حيوية واسعة الانتشار والمسكنات التي لا تؤثر على المعدة وكذلك بعض أصناف الأدوية الآمنة لمرضى القلب.

وبحسب تقديرات وزارة الصحة حجم التصنيع الدوائي في فلسطين بـ(120_ 140) مليون دولار، أما حجم صادراتها من الأدوية حوالي(15) مليون دولار.

غزة تُصنع دوائها

واعتبر د. منير البرش مدير الإدارة العامة للصيدلة بوزارة الصحة بغزة، أن الصناعات الدوائية بغزة إنجازًا وطنيًا يجب البناء عليه وتطويره، وبيّن أن وجود الصناعات الدوائية في قطاع غزة تزامن مع ظهور (135) مصنعًا في الوطن  العربي، لافتًا إلى أن حصة فلسطين منها كانت ستة مصانع تمكنت من تغطية احتياجات السوق المحلي بنسبة (55%).

وشدد البرش على دور الإدارة العامة للصيدلة في متابعة ما تُنتجه الشركات الدوائية في القطاع، بدءًا من الخطوة الأولى للكشف عن العقار مرورًا بتسجيله  ومتابعته  وفق إجراءات معتمدة لتوفير الجودة والأمان للمنتج، قائلًا:”رغم الحصار وتحديات الإنتاج استطاعت غزة أن تُصنع دوائها بنفسها”.

إجراءات ومتابعة

وبمزيد من التفصيل تحدث د. محمد النونو مدير دائرة التسجيل الدوائي في الإدارة العامة للصيدلة بوزارة الصحة بغزة، عن مراحل وإجراءات اعتماد أصناف الأدوية المُصنعة محليًا في الأسواق، مؤكدًا أنها تبدأ بإخضاع المنتج من قبل الوزارة لاختبارات في مُختبرات مُحايدة للتأكد من فعاليته، ومن ثمّ منح المصنع شهادة بالموافقة على بدء الإنتاج، وقال:”يتم ترويجه في الأسواق مؤقتًا لمتابعة فعاليته ومدى رضا المرضى عن نتائجه” وتابع: أن فترة التجريب تكون بثلاث مراحل إذا تم التأكد من نجاعتها تمنح الوزارة الشركة مدة زمنية للإنتاج قد تصل لخمس سنوات ومن ثمَّ بعد انتهاء المدة تُطالب الشركة المنتجة بإعادة إجراءات تسجيل الدواء من جديد للتأكد من استمرار فعاليته.

وردًا على سؤاله حول مدى جودة الصناعات الدوائية الوطنية، أكد النونو أنها تتمتع بجودة عالية ومنافسة، وأشار إلى أن المصانع الموجودة بالقطاع حائزة على شهادة الجودة (GMP) وتخضع للرقابة المستمرة والمتابعة الكبيرة من قبل وزارة الصحة التي تعمد بما لديها من إمكانات متواضعة دعمها وتطويرها.

وبحسب معطيات الاتحاد العام للصناعات الدوائية، فإن جودة إنتاج الأصناف الدوائية الفلسطسنية مكنتها في الدخول إلى أسواق عربية وكانت سببًا في أن تكون المُلبي الأول لاحتياجات السوق المحلية الفلسطينية من الأدوية بنسبة (50%)  فيما كان المُلبي الثاني السوق الإسرائيلية بنسبة (35%) فيما جاءت تلبية الأسواق الخارجية من الأدوية للسوق المحلية الفلسطينية في المرتبة الثالثة بنسبة (15%)  قبل أن تُعاني من إجراءات الاحتلال على المعابر والتي حالت دون اتساع نطاق التوزيع والإنتاج، رغم تمتع مصانع الأدوية في قطاع غزة بالمواصفات العالمية.

تحديات

وعلى صعيد التحديات التي تواجهها الصناعات الدوائية في القطاع، وفي هذا السياق يؤكد الأسطل أنها لا تبعد عن الحصار والإغلاق، وقال:”إن الظروف التي يعيشها قطاع غزة من حصار وإغلاق وتقويض لمناحي الحياة الإنسانية والإنتاجية أرخى بسدوله على تطوير الشركة واستمراريتها في تصدير منتجاتها إلى الدول العربية”، مشيرًا إلى أن استهداف المصنع بشكل مباشر من قبل الاحتلال لأكثر من مرة سواء بالاقتحام أو القصف، بالإضافة إلى عدم سماح الاحتلال لإدراة المصنع باستيراد المواد الخام الخاصة بصناعة الأدوية كان له أثرًا كبيرًا على انخفاض حجم الإنتاج على مد سنوات الحصار، وأضاف: أن إنتاج المصنع يُغطي قرابة 14% من ما تُنتجه المصانع المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة من احتياجات السوق المحلية من الأدوية”، موضحًا:أن هذه النسبة تراجعت في الآونة الأخيرة.

ويُشاركه الرأي د. طبازة المدير العام للشركة العربية الألمانية لصناعة الأدوية مسنحضرات التجميل في قطاع غزة، يُؤكد أن العقبة الأكبر أمام إنتاج الأصناف الدوائية تكمن في عدم توفر المواد الخام التي تحتاجها المصانع، موضحًا أنها تخضع لقيود إسرائيلية مُشددة، وقال:”إن أي مواد يُشتبه في دخولها صناعة المتفجرات تُمنع من الوصول إلى القطاع تحت ذرائع أمنية”، مُشيرًا إلى أن ما يتم طلبه من المواد يكون مُحددًا لإنتاج كمية مُعينة من الأصناف الدوائية والجهة التي يتم التوريد لها معلومة وناشطة في مجال تصنيع الأدوية، وبيّن أن عملية التوريد تمر بشروط صعبة من شأنها أن تُؤخر المصنع في عملية الإنتاج ما يزيد التكاليف على صاحب المصنع ويُكبده الكثير من الخسائر المالية.

ويستمر طبازة بالقول أن المعيقات تمتد إلى الاستهداف المباشر من قبل الاحتلال للمصنع ومرافقه، كاشفًا أن مخازن المصنع تعرضت خلال العدوان الأخير على غزة للقصف ما ألحق بها خسائر قُدرت بـ (45) ألف دولار لم يتم تعويضها حتى الآن، وقال: “قصور الدعم لهذه الصناعات من شأنه أن يُنهي وجودها في ظل الانقسام وممارسات الاحتلال بالخنق والتضييق على المعابر”.

مقترحات لتطوير الصناعات الدوائية

وفي سياق المقترحات لتطوير الصناعات الدوائية بالقطاع، أكد النونو لـ”الحدث” على ضرورة تشجيع الصناعة الدوائية وتشجيع المنتج الوطني الدوائي، وشدد على دور السلطة الفلسطينية في تسهيل الإجراءات للمستثمرين في الصناعات الدوائية بمحافظات غزة ودعم البحث العلمي والتطوير التكنولوجي لهذه الصناعة من أجل إيجاد أصناف دوائية جديدة، ناهيك عن ضرورة اعتماد سياسات فلسطينية ناجعة تجاه توفير مخزون كافي من الأدوية وتخزينها في أماكن صالحة وإخضاعها لمعايير التخزين الصحيح.

فيما أهاب د. الأسطل بالجهات الرسمية المعنية بتطوير الصناعات الدوائية بضرورة العمل على دعم المصانع في قطاع غزة سواء من خلال توفير المال اللازم لتطوير عمليات الإنتاج لديها، أو بفتح أسواق خارجية لتصدير المنتج الوطني الذي أثبت قدرته على المنافسة- حسب قوله- وأضاف أنه على الرغم من تمكن شركته من التسجيل بصفة رسمية لدى وزارة الصحة الجزائرية والاتفاق على توريد عدد من الأدوية التي تُصنعها في غزة إليها؛ إلا أنهم لم يتمكنوا من تصدير أي منتج بسبب الحصار وإغلاق المعابر.

ومن جانبه؛ شدد طبازة على أهمية دعم الحكومة الفلسطينية للصناعات الدوائية والتشجيع على الاستثمار فيها، وقال: إن عدم وجود سياسة دوائية وطنية واضحة ومبنية على رؤية وطنية شاملة أثر سلبًا على تطوير الصناعات الدوائية في القطاع خاصة بعد الانقسام الفلسطيني وفرض الحصار عليه من قبل الاحتلال”، داعيًا إلى العمل على إيجاد مراكز أبحاث لتطوير الصناعات الدوائية ودعمها ماليًا وفنيًا سواء بالخبراء أو الأدوات والمعدات والأجهزة اللازمة.

للوصول الى المصدر : اضغط هنا

مشاركة

بيانات الاتصال

اتصل بنا

97333521334+

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لـ المدينة الرقمية لكبار السن في الدول العربية© 2022