المدينة الرقمية لكبار السن في الدول العربية

جامعات كبار السن في الصين.. لمن ضاع حلم شبابه !

 

 

في غرفة درس جامعة السكك الحديدية الصينية لكبار السن أعطى أستاذ متقاعد من جامعة التجارة الخارجية ببكين درسا إنجليزيا لأكثر من عشرين مسنا، بلغ أصغرهم من العمر أكثر من خمسين سنة وأكبرهم خمسا وثمانين سنة. وعلى الرغم من كبر سنهم لكنهم مفعمون بالنشاط ومجتهدون في الدراسة.

إن جامعة السكك الحديدية الصينية لكبار السن هي واحدة من تسعة عشر ألف جامعة لكبار السن في الصين. ويوجد فيها حاليا اثنا عشر قسما ويدرس فيها حوالي ألف مسن.

تذهب السيدة دو شي خوا التي تقاعدت قبل سنتين كل يوم الى هذه الجامعة لحضور دروس الكمبيوتر واللغة الإنجليزية والرقص اللاتيني. وبفضل الدراسة أصبحت ملمة تماما باستخدام الكمبيوتر مع أنها جاهلة فيه قبل سنتين. وهي تستخدم الكمبيوتر يوميا للحصول على المعلومات بالإضافة الى الاتصال عبر الإنترنت مع ابنتها التي تدرس في لندن ببريطانيا.

وفي العام الماضي التحقت ابنة السيدة دو التي كانت تمارس التصميم المعماري بجامعة في لندن عبر امتحان شهادة الماجستير. والآن ترسل السيدة دو رسالة الكترونية إلي ابنتها كل يوم تقريبا، وقالت :

” أعرف حياة ابنتي في لندن بوضوح، وأعرف صعوباتها وحاجاتها وأحوال معيشتها. وهي تخبرني كل هذه الأشياء في الرسائل الالكترونية وأرسل رسالة الكترونية إليها كل يوم لتشجيعها وتنبيهها كأننا نتقابل وجها لوجه كل يوم. والرسائل الالكترونية أرخص من البريد الدولي العادي.”

ظهرت نهضة جامعات كبار السن بالصين في عام 1983 . وفي ذلك الوقت بدأت الصين تعميم نظام التقاعد في المدن فتقاعد عدد كبير من العمال والموظفين من وظائفهم. ولتلبية حاجات المسنين في مواصلة الدراسة وإثراء الحياة بادرت الهيئات الحكومية والدوائر ووحدات الجيش والمدارس الى تأسيس جامعات كبار السن في بعض المدن. وفي الوقت الحالي تجاوز إجمالي عدد الدارسين في مختلف جامعات كبار السن بالصين مليونا وثمانمائة ألف نسمة.

وعرّف السيد يوان شين لي مسؤول مكتب لجنة أعمال المسنين الصينية بأحوال جامعات كبار السن في الصين قائلا:

” ظهرت الجامعات الخاصة بكبار السن لتوفير حياة المسنين ومعظم الدارسين فيها لم يدرسوا كثيرا في أيام شبابهم ويريدون أن يسدوا نقصهم في المعرفة للتلاءم مع تطور العصر. ووظفت الحكومة عددا مناسبا من الأموال لدعم هذه للجامعات، فالمسنون لا يدفعون كثيرا اثناء الدراسة وهذا أحد الأشياء الايجابية التي فعلتها الحكومة للمسنين. وفي الوقت الحالي يشهد تعليم المسنين تطورا سريعا ومع تزايد اهتمام واستثمار الحكومة في هذا القطاع سيزداد عدد جامعات كبار السن باستمرار.”

جامعات كبار السن تختلف عن جامعات العادية لأنها تستند الى التعليم دون مؤهل دراسي. حيث يدرس المسنون من أجل تنمية شخصيتهم وإثراء حياتهم وتحسين نوعية معيشتهم لا للحصول على المؤهل الدراسي أو فرص العمل. ولذلك لا يحتاجون إلي المشاركة في امتحان لدخول الجامعات ويمكنهم أن يختاروا الدروس والأساتذة حسب قدرتهم ورغبتهم كذلك يمكنهم أن يلتحقوا بالصفوف في منتصف الفصل الدراسي ولهم حرية الاسلوب الدراسي أيضا.

وعن المقررات الدراسية، لم تقرر الكثير من جامعات كبار السن دروس الخط الصيني والرسم والأدب والتاريخ فحسب، بل قررت أيضا دروسا مرتبطة وثيقا بحياة المسنين مثل وسائل المحافظة على الصحة والطبخ وغيرهما. وفي السنوات الأخيرة فتحت بعض الجامعات أقساما متعلقة بالكومبيوتر والأوراق المالية واللغة الإنجليزية وغيرها من الأقسام التي تتفق مع تطور العصر. ومن أجل الانسجام مع التعليم، نظمت كثير من جامعات كبار السن معارض الخط والرسم ونشطات القراءة التعبيرية والندوات والمباريات الاستعراضية للغناء والرقص والمناقشات حول الأسهم المالية والمسابقات المتعلقة بفن الطبخ واستخدام الكومبيوتر بهدف توفير وإثراء حياة الدارسين.

كان السيد رن تشانغ بين الذي يدرس في جامعة الكوادر المسنين في مقاطعة جيلين شغوفا بالخط الصيني والرسم الصيني. لكن لم يكن لديه الوقت لدراستهما قبل تقاعده. وبعد تقاعده قبل أكثر من عشر سنوات ظل يدرس الخط الصيني والرسم الصيني في الجامعة وقد أصبح خطاطا مشهورا في منطقته. وعند حديثه عن دراسته في الجامعة، قال السيد رن:

” حصلت على الكثير من الجوائز في مسابقات الخط الصيني على المستوى الوطني. وبعد انتهاء دراسة الخط الصيني واصلت دراسة الرسم الصيني لمدة ست سنوات من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة المتوسطة ثم إلي المرحلة العليا.”

ولخص السيد رن نجاح تجربته خلال الدراسة في الجامعة بأربع عبارات هي اتساع المعاشرة وانشراع الصدر وتفوق الدراسة والتمتع بالصحة الجيدة.

وقال السيد ليو قوه دونغ رئيس جامعة الكوادر المسنين في مقاطعة جيلين للمراسل إن الدارسين في جامعته يتفوقون على الشباب في حماسة الدراسة. ويصل كثير منهم إلي الجامعة مبكرا كل يوم ولا يريدون مغادرتها بعد انتهاء الدروس ويستمرون في تبادل حديث مع الآخرين أو الأساتذة. ولا يتخذون الجامعة مكانا للدراسة فحسب، بل يتخذونها بيتا لهم أيضا.

 

 

 

المصدر : الصين بالعربى

مشاركة

بيانات الاتصال

اتصل بنا

97333521334+

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لـ المدينة الرقمية لكبار السن في الدول العربية© 2022